عالمي

حتى لو فلت من كورونا جسدياً.. فلن يفلت منها ترامب سياسياً

رغم تباين الاراء حول ما ستؤول اليه الحملة الانتخابية للرئيس الامريكي دونالد ترامب، بعد الاعلان عن اصابته بفيروس كورونا ونقله الى المستشفى بعد تدهور صحته، الا ان جميعها تتفق على ان ترامب لن يخرج من اصابته سالماً سياسياً، حتى لو خرج منها سالما جسديا.

العالم – قضية اليوم

يمكن تصور حالتين لترامب لا ثالث لهما وهو يُصارع كورونا، فإما ان تكون اصابته خطيرة وستخرجه بالتالي من السباق الانتخابي نهائيا، واما ان تكون خفيفة ويعود لمواصلة حملته الانتخابية بعد الانتهاء من فترة الحجر. في الحالة الاولى سنكون امام مشهد لن يكون فيه لترامب اي أثر، اما الحالة الثانية سنكون امام مشهد لن يشغله ترامب الذي كان يُلهم قاعدته الشعبية بخطاباته المستهزئة بكورونا والاغلاق والكمامات والتباعد الاجتماعي، بل سيشغله رجل فقد مصداقيته وخسر ثقة مناصريه بعد ان نال منه الفيروس الذي كان يحتقره ويشكك بخطورته.

لا يفصلنا عن موعد الانتخابات الرئاسية الامريكية سوى 30 يوميا، وسيقضي ترامب من هذه الفترة على الاقل 15 يوما في الحجر، طبعا هذا في حال كانت اصابته خفيفة، عندها لا يتبقى له سوى 15 يوما، ولا نعتقد انه سيتمكن في هذه المدة القليلة من تنظيم تجمعات انتخابية ضخمة ولا حتى المشاركة في مناظرة مع منافسة الديمقراطي جو بايدن، الذي خرج متفوقا على ترامب في المناظرة الاولى، والتي سخر فيها ترامب من بايدن لإلتزامه بالتوصيات الصحية الخاصة بالوقاية من كورونا.

من الواضح ان ترامب وقع في شر اعماله، عندما إستصغر واستهان باكبر خطر يهدد الامريكيين، وهو خطر فيروس كورونا، الذي اصاب 7.5 مليون منهم وقتل أكثر من 212 ألف اخرين، بينما ما انفك يضخم ويركز على “خطر” الاحتجاجات الشعبية على عنصرية الشرطة، وتشكيكه الدائم بنزاهة الانتخابات ورفضه التسليم بنتائجها، ودعم وتأييد الجماعات اليمينية المتطرفة التي تؤمن بتفوق العرق الابيض، وهو ما جعل مصداقيته تتصاغر امام مصداقية بايدن الذي انتقد لا ابالية ترامب في التعامل مع خطر وباء دورونا، واصراره الدائم على افتتاح البلاد على حساب صحة المواطنين.

ترامب حتى قبل يومين فقط من اعلان اصابته بفيروس كورونا، كان يحاول وبشكل غريب ان يقلل من خطر كورونا، وذلك عندما خاطب الصحفي الامريكي كريس والاس، الذي أدار المناظرة الاولى بينه وبين بايدن قائلا” أنا لا أرتدي الكمامة إلا عند الحاجة، أمتلك واحدة في جيبي، أما بايدن فيرتديها كل الوقت، ولديه أكبر كمامة رأيتها في حياتي”، الا ان هذا التجاهل الملفت لترامب إرتد عليه، ففي حال شفي من كورونا وعاد مرة اخرى الى حلبة الانتخابات، فلن يكون امامه من شاغل الا الحديث عن خطر كورونا، الذي اثبت عمليا، انه خطير ويهدد الامريكيين، ونال من رئيسهم ايضا، عندها لا نعتقد ان ترامب سيكون عنده ما يقوله.

البعض يعتقد ان اصابة ترامب بكورونا قد تجعل الشعب الامريكي يتعاطف معه، وترتفع بذلك شعبيته كما حصل مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون والرئيس البرازيلي جايير بولسونارو، الا ان هذا الاعتقاد لا يستقيم مع حالة ترامب، فالرجل لم يقلل من خطر كورونا فحسب، بل كان يصر ايضا على التصرف على العكس مما تقوله الجهات الصحية، ويتباهى ويتبجح بتصرفه هذا، وكثيرا ما كان يدلي بتصريحات تثير السخرية حول استخدام مواد التنظيف في معالجة كورونا، او ان كورونا ستختفي دون حاجة للقاح، وتهجم على الدكتور أنتوني فاوتشي، كبير خبراء الأمراض المعدية في الولايات المتحدة، لرفضه دعوة ترامب الى افتتاح البلاد، وكذلك لرفض فاوتشي استخدام عقارهيدروكسي كلوروكين كعلاج لكورونا كما كان يروج ترمب، وقبل كل هذا وذاك هو تنظيم تجمعات انتخابية صاخبة داخل قاعات مغلقة دون الاستفادة من الكمامات، او الالتزام بمعايير السلامة، والتي عرضت حياة العديدين للخطر.

ان اصابة ترامب بفيروس كورونا، ليس كإصابة باقي المسؤولين في الدول الاخرى، الذين اصيبوا بالفيروس رغم مراعاتهم شروط السلامة، فهو لم يكن يعترف بخطورة الفيروس، الذي وصفه بالانفلونزا الموسمية، ولم يلتزم بشروط السلامة، وهو الان كما تقول الطبيبة الامريكية آني ريميون، في حديث لقناة “سي ان ان” في حالة “مقلقة للغاية” فهو “يقع ضمن فئة عمرية عالية المخاطر من المصابين بفيروس كورونا، لانه كبير في السن ويعاني من زيادة في الوزن”.

عندما لا يعترف ترامب، بهذا الشكل الفج، بقضايا علمية بديهية، ويدفع الشعب الامريكي بسبب ذلك اثمانا باهظة، تُرى كيف سيكون الحال عندما يتعامل ترامب مع قضايا سياسية واقتصادية واجتماعية وعسكرية، قد تختلف فيها الاراء والاجتهادات؟، من المؤكد ان خسائر الشعب الامريكي ستكون اكبر وافدح، لذلك نعيد ونكرر ان ترامب لن يخرج سالما سياسيا من قبضة كورونا حتى لو خرج سالما جسديا.

نجم الدين أمين – العالم

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى