نصف قرن على مذبحة ‘بحر البقر’ في مصر
شهد يوم امس الاربعاء ذكرى حدث أليم هو مرور نصف قرن على مذبحة “بحر البقر” التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق مدرسة أطفال بمحافظة الشرقية وسط صمت الاعلام الرسمي في مصر.
العالم – مصر
نصف قرن بالتمام والكمال على مجزرة بحر البقر التي ارتكبتها “اسرائيل” في صباح الثامن من ابريل عام 1970،عندما شنت قواتها الجوية هجوما بربريا، وقصفت طائرات من طراز فانتوم مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر، أدى الهجوم إلى مقتل 30 طفلاً وإصابة 50 آخرين وتدمير مبنى المدرسة تماماً.
الذكرى الأليمة مرت على الإعلام المصري- مقرءوا ومسموعا ومرئيا -مرور الكرام، كأن لم يسمعها.
فماذا عن مذبحة بحر البقر بعد نصف قرن؟ وهل يعي العالم الدرس؟
الناقد المصري الكبير المفكر د.أحمد درويش وصف ذكرى مذبحة بحر البقر أنها ذكرى أليمة على الوجدان الشعبي المصري والعربي بل الإنساني بصفة عامة وإدانة مستمرة لفكرة القوة الغاشمة التي لا تفرق بين هدف مشروع وهدف بربري في سبيل الوصول إلى غايات قصيرة النظر تظن هذه القوى أنها تحقق لها الأمان وسمعة النصر، وهي في واقع الأمر تحقق لها الخوف المتجدد وسمعة انعدام الضمير على المستوى الإنساني.
وأضاف د. درويش في تصريح خاص لـ”رأي اليوم” أن التاريخ لن ينسى أمثال هذه المجازر التي كانت ترتكب بدافع حماقة القوة وحدها وقصر النظر في تحقيق الأهداف.
وأضاف د.درويش قائلا: “وها هي الجائحة التي اجتاحتنا جميعا مؤخرا تبيّن خرافة القوة والضعف، فمن منا الآن القوي ومن منا الضعيف؟ ونحن جميعا نرتعد خوفا من فيروس صغير لا نكاد نعرف ماهيته، فهل يتعظ أصحاب القوة الغاشمة من سوء استخدامهم للبطش المدمّر لمن يظنونهم أعداءهم، وهو في واقع الأمر مدمّر لهم أيضا”.
وتابع د.درويش: “لقد كان التلاميذ الذين انهارت عليهم القنابل بنين و بناتٍ في عمر الزهور يتلقون أبجديات المعرفة على مقاعد الدرس، فانهالت عليهم القنابل الغاشمة لكي تختلط دماؤهم الزكية الطاهرة بصفحات كراريسهم، ولكي تفيض آخر أنفاسهم الطاهرة على محابرهم، وليسأل الطيار الذي نفذ العمل الإجرامي والقائد الذي أمر به أنفسهم الآن بعد 50 عاما من جريمتهم إن كانوا مازالوا أحياءً: أي مجد أضافوه لصفحاتهم الشخصية أو لصفحات أمتهم؟
وبأي ضمير سوف يلقون خالقهم أيا كانت معتقداتهم، وقد علقت بهم دماء هؤلاء الأطفال الأبرياء؟”.
واختتم قائلا: “إن الضمير الإنساني ينبغي أن يتنبه لكي يصوغ قوانين رادعة، لأن أي حرب مهما كانت دوافعها لا ينبغي لها أن تقتحم أسوار الطفولة البريئة”.
الدرس انتهى!
الناقد الأدبي د.يسري عبد الغني ذكّر بمذبحة بحر البقر بقوله: “الدرس انتهى لِمُّوا الكراريس بالدم اللي على ورقهم سال”… بهذه الكلمات وثّق الشاعر صلاح جاهين لواحدة من مذابح الاحتلال الصهيوني. ففي صباح الثامن من أبريل/نيسان 1970 م، وقع هجوم شنته القوات الجوية للمحتل الإسرائيلي عندما قصفت طائرات من طراز فانتوم مدرسة بحر البقر المشتركة في قرية بحر البقر بمركز الحسينية بمحافظة الشرقية في مصر، أدت إلى مقتل (30 طفلًا) وإصابة(50 آخرين) وتدمير مبنى المدرسة تمامًا. وكانت المدرسة تقع في طابق واحد يضم ثلاثة فصول يبلغ عدد تلاميذها ١٥٠ تلميذا. وقد جاء هذا القصف ضمن تصعيد الغارات الإسرائيلية على مصر لإرغامها على إنهاء حرب الاستنزاف وقبول مبادرة روجرز ولم يكن بغريب أو جديد على إسرائيل أن تزيف الحقيقة وتؤكدعلى أنها قصفت أهدافا عسكرية وليس مدرسة، وقد تزامن القصف مع مساع دولية لوقف حرب الاستنزاف.”
شهادة حية عن المذبحة
الحاج رفعت عبد الرحمن الشباني من الشبانية مركز فاقوس محافظة الشرقية(70 عاما) قال إنه لا ينسى هذه المجزرة أبدا ولن ينساها ما دام حيا.
وأضاف الحاج رفعت قائلا: “بعد وقوع المجزرة توجه الآلاف من المراكز والقرى المجاورة للحسينية الى مدرسة بحر البقر غضبا، ورددوا هتافات مناوئة تهدد بالكيان الصهيوني وتطالب الحكومة المصرية بالثأر الذي جاء بعدها في 73.”.. وأضاف الحاج رفعت أن مدرسة بحر البقر كانت مدمرة تماما، وبدت آثار الدماء لافتة ومؤلمة لكل من شاهدها،وتم نقل جثث الأطفال الأبرياء الى المستشفى.
وردا على سؤال: هل لا تزال المذبحة المروّعة في وجدان أهل الضحايا؟
أجاب الحاج رفعت أن الأهالي نسوا الحادثة الأليمة، ولم يعد أحد يتذكرها بسبب إعراض الإعلام المصري عنها، وأردف قائلا بحزن عميق: “”إسرائيل” لم تعد هي العدو للأسف الشديد!” .
المصدر : قناة العالم .