عربي

ما الهدف من “التحركات الخفية” للكاظمي في العراق؟

أظهرت سلسلة التغييرات التي قام بها رئيس الوزراء العراقي خلال الشهرين الماضيين، أنه الى جانب تغيير الأولويات لدى الحكومة العراقية، يخطط لإحداث تغييرات سياسية وامنية مثيرة لعلامات استفهام.

وكالة مهر للأنباء _ رامين حسين آبادي: التحولات والتطورات والتحركات الأخيرة التي حدثت في العراق خلال الأسابيع القليلة الماضية، كانت بمثابة ألغاز محيّرة ولكن عندما نضعها هذه الألغاز بجانب بعضها البعض تنتج لنا صورةً واضحةً، فقبل إستلام “مصطفى الكاظمي” لمنصب رئاسة الوزراء كانت هذه الصورة غير واضحة.

نظرة الى سجل اعمال الكاظمي منذ تلّده منصب رئيس الوزراء تكشف عن تقاعصه في تنفيذ مهامه الاساسيفعندما إتفقت الأغلبية الشيعية على تعيين “مصطفى الكاظمي” رئيساً للوزراء، كان هنالك بصيص من الأمل في أن يقوم بالمهام الموكلة إلية في مختلف المجالات السياسية والإقتصاديةوالأمنية بكل ذمّةٍ وضميرٍ وإخلاصٍ، والذهاب بسيفينة العراق إلى بر الأمان والإستقرار والسلام والهدوء، لكن التطورات الأخيرة التي حدث في العراق تظهر أن ما حدث في العراق بعيد عمّا كان متوقّعه منه.

فلقد أوكلت إليه أربع مهامٍ إستراتيجيةٍ حساسة:

أولها تحسين الظروف المعيشية وإنقاذ الإقتصاد العراقي من الإنهيار، وثانيها الإستعداد للإنتخابات البرلمانية المبكرة، وثالثها تخليص العراق من الإحتلال الأمريكي، ورابعها محاربة الفاسدين وتسليمهم إلى القضاء.

من ناحية أخرى، كانت إحدى أهم أولوياته تمهيد الطريق لإنتخابات برلمانية مبكرة، ولكن هذه أيضاً تم تجاهلها، ولم يتخذ أي خطواتٍ خلال فترة ولايته، وكأنه كان ينوي البقاء رئيساً للوزراء حتى نهاية ولاية  البرلمان الحالي. 

ويأتي ذلك في الوقت الذي أعرب فيه المرجع الشيعي الأعلى للعراق “آية الله السيستاني” عن دعمه للإنتخابات البرلمانية المبكرة من خلال نوابه. وفي وقت سابق، أعلن ممثل “آية الله السيستاني” في “كربلاء” أنه يريد أن يمهد الطريق لإنتخابات برلمانية مبكرة، ومع ذلك لم يتحقّق ذلك بعد بسبب تجاهل الكاظمي لأوليات العراق.

الشرط الأساسي بين البيت الشيعي والكاظمي كان هو إخراج قوات الإحتلال الأمريكي من الأراضي العراقية

وقد تمّ تذكّره مراراً بضرورة القيام بذلك، وهناك من يقول أن الشرط الرئيسي للأحزاب الشيعية للموافقة عليه هو الإلتزام بتنفيذ قرار البرلمان بشأن طرد قوات الإحتلال الأمريكي، وعلى الرغم من ذلك، لم تكن هناك أدنى محاولة لطرد قوات المحتل الأمريكي من العراق.

وقد أثار ذلك إنتقادات شديدة من “هادي العامري” زعيم تحالف “فتح العراقي” حيث قال في هذا السياق مخاطباً للكاظمي: “عن أي سيادةٍ تتحدث؟” “عن أي كرامةٍ وهيبةٍ تتحدّث عندما يحلق المقاتلون الغزاة في سماء العراق؟”

وإستناداً إلى كل ما قيل، فمن الواضح أن رئيس الوزراء العراقي “مصطفى الكاظمي” قد حول جميع الأولويات ووضع قضايا أخرى على رأس أولوياته، ومن بين القضايا التي يسعى “الكاظمي” إلى تحقيقها هي وضع عقبات أمام مجاهدي الحشد الشعبي؛ فترك القوات الأمريكية تتحرك بكل أريحيةٍ في العراق دون ضغوطٍ، وأحداث تغييرات غامضة ومريبة في الهيكل الأمني العراقي.

أما في مجال الهيكل الأمني فقد قام الكاظمي بتغييرات واسعة النطاق في العراقي، حيث أصدر قراراً بتعيين “عبد الغني الأسدي” رئيساً لجهاز الأمن الوطني العراقي.

كما أصدر للقيادة العامة للقوات المسلحة العراقية مرسوماً آخر ينهي أنشطة “فالح الفياض ووضع “قاسم الأعرجي” كمستشار للأمن القومي للبلاد.

اختير “عبد الغني الأسدي” رئيساً لجهاز الأمن الوطني، في حال تم طرده من قبل “عادل عبدالمهدي”

فأصبح الوضع الأمني العراقي محاطاً بالغموض في ظل التغييرات في الهيكل الأمني للبلاد وبات أكثر وضوحاً بعد تعيين “عبد الغني الأسدي” رئيساً لجهاز الأمن الوطني العراقي.

وجدير بالذكر بأن “الأسدي” عضو سابق في نظام صدام الغاشم وقد تم طرده بشكل غير رسمي وتقاعده رسمياً من قبل رئيس الوزراء السابق “عادل عبد المهدي” قبل نحو عامين.

من الواضح أن تغييرات الكاظمي تري الى إرضاء الأمريكيين 

وبناءً على ما سبق، فإن وضع شخص بهذا السجل في أعلى هرم جهاز الأمن القومي العراقي يمكن أن يحتوي على رسائل مختلفة، بلا شك بهدف إرضاء الأمريكيين. وفي الوقت نفسه، فإن عزل “فالح الفياض” من منصبه كمستشار الأمن القومي هو إجراء آخر من أعمال “الكاظمي” المشبوهة الأخرى.

“الفياض” شخص قريب من الحشد الشعبي وكان حاضراً دائماً على جبهة قيادة الجهاد ضد الإرهاب التكفيري. لذلك، فإن إقالته من منصبه تحتوي أيضاً على رسالة سلبية موجهة إلى قوات الحشد.

بالإضافة إلى ذلك، تظهر التحركات العسكرية الأمريكية في العراق، بما في ذلك إختبار نظام الصواريخ من قبل السفارة الأمريكية في العراق، أن “الكاظمي” ترك لواشنطن حرية إتخاذ القرارات على الأراضي العراقية، فقد قامت القوات الأمريكية في إنتهاك السيادة الوطنية العراقية.

جدير بالذكر أن الإختبار الصاروخي على أراضي دولة مستقلة ينتهك القانون الدولي، ومع ذلك فإن رئيس الوزراء العراقي لا يزال متردداً في إتخاذ إجراءات حاسمة لمنع تكرار مثل هذه الأعمال غير القانونية من قبل قوات الإحتلال الأمريكية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن يضاف إلى سجل إخفاقاته عدم إتخاذ موقف ضد الفعل المهين لصحيفة “الشرق الأوسط” السعودية، لإهانتها للمرجعية الشيعية الأعلى في العراق “آية الله السيستاني”، على الرغم من إدانة العديد من الشخصيات العراقية وغير العراقية للتحرك السعودي، إلا أن “الكاظمي” رفض حتى الآن إتخاذ موقف صارم ضد  الصحيفة.

بشكل عام، عندما نقوم  بتجميع أجزاء هذا اللغز حول أداء “مصطفى الكاظمي”، نجد أن رئيس الوزراء العراقي كان له دور خفي رئيسي في الحركات التخريبية يهدف إلى تحويل الأولويات العراقية إلى تلبية المطالب الأمريكية.

المترجم: عبدالله مغامس

/انتهى/

المصدر : وكالة مهر للأنباء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى