مقالات

لبنان.. هل تؤدي الاجتماعات الرسمية الكترونية النتيجة المطلوبة وما مدى حمايتها من القرصنة؟

العالم -لبنان

غابت الاجتماعات الرسمية عن المشهد السياسي اللبناني خاصة جلسات مجلس النواب ولجانه المختلفة بالاضافة الى الاجتماع النيابي الاسبوعي في عين التينة كما وانسحب المشهد على باقي الاجتماعات للكتل السياسية والاحزاب حيث اجبر تفشي وباء كورونا في كل انحاء العالم، الناس على الاعتماد بشكل اضافي على التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي والالكترونيات، واصبح التواصل المباشر عبر الانترنت حلاً للكثير من المعضلات التي خلقها كورونا لفرض التباعد بين الناس مخافة نقل العدوى. على الصعيد اليومي والشعبي، لا شك ان اللجوء الى هذا الخيار كان الحلّ الانسب، وقد اثبت نجاحه بشكل كبير من خلال الراحة التي تركها بين الناس الذين يشعرون ان التطور التكنولوجي ردم الهوّة التي تركها الوباء بين البشر، واستمر التواصل والتفاعل قائماً على صعيد العمل والثقافة والتعليم وحتى العلاقات الانسانية.

ولكن، على الصعيد الرسمي فإن الامر يأخذ منحى آخر، وعلى الرغم من التجربة التي قام بها مجلس الامن اخيراً من خلال عقد اجتماع الكتروني مباشر، كانت المحاذير كثيرة وتعرضت التجربة للكثير من التحديات منها ما يتعلق بالامور التقنية، ومنها ما يتصل بالامور البروتوكولية. في لبنان ، لا يختلف الامر عن غيره، فعقد جلسات رسمية ل مجلس النواب او مجلس الوزراء ، دونه صعوبات كبيرة، ولذلك، لا يزال المسؤولون يفضّلون اتخاذ اجراءات الوقاية والسلامة والاستمرار بعقد اللقاءات والاجتماعات وفق الطريقة التقليدية. الاسباب كثيرة ومنها مثلاً عدم الثقة بسرعة الانترنت، ومرد ذلك الى الضغط الكثيف الذي تواجهه الشبكة العنكبوتية على صعيد العالم اجمع وليس في لبنان فقط، وقد عمدت الكثير من الدول الى مراجعة حساباتها في مسائل الاستهلاك اللامحدود والسرعات العالية حتى انه في اوروبا تم التواصل مع شركة “نتفليكس” لتخفيف جودة الافلام التي تبثها لتقليل الاستهلاك والسرعة.

مشكلة السرعة ليست الاكبر في نظر المسؤولين اللبنانيين، بل هناك قضية اكثر خطورة تتمثل في القدرة على اختراق البث والقرصنة Hacking وامكان نشر المداولات التي تجرى، وخصوصاً في مجلس الوزراء حيث تعتبر هذه الحكومة الانجح بين اترابها في المحافظة على السرّية وعدم التسريب، ونسبة الخروقات في نشر بعض ما جرى خلال الجلسات تبقى قليلة مقارنة بما كان يحصل في الحكومات السابقة.وما يزيد الامور تعقيداً في هذا المجال، هو ضرورة الاعتماد على برنامج غير محلي للولوج اليه والمشاركة فيه بشكل مباشر، وهذا بحد ذاته ينطوي على مخاطر اضافيّة لجهة القرصنة او المخاطرة بحصول واقعة اخرى مشابهة لواقعة “ويكيليكس” انما هذه المرة بالصوت والصورة. ومع الادراك التام الى ان مناقشات مجلسي النواب والوزراء ليست بالنسبة الى العالم على قدر كبير من الاهميّة، الا انها بالنسبة الى المسؤولين واللبنانيين، تحتفظ برمزية معيّنة لا يمكن القفز فوقها او التقليل من اهميتها، خصوصاً في هذا الظرف الدقيق الذي يمرّ به لبنان.

ولعل هناك عقبة اخرى تتمثل في ما افرزته تجربة التعليم عن بعد، ولو ان المقارنة بعيدة بعض الشيء من حيث المضمون، انما تبقى اساسية وصالحة من حيث الشكل، حيث يمكن استغلال بعض اللقطات غير الموفقة لوزراء او نواب او حتى لرؤساء الجمهورية ومجلس النواب ومجلس الوزراء، للبناء عليها في الانتقاد او السخرية او نشر الافلام المركّبة والاخبار الكاذبة.

لكل هذه الاسباب وغيرها طبعاً، تبقى مسألة الاجتماعات والمداولات الرسمية بشكل مباشر عبر الانترنت، مسألة معلّقة، حتى ولو حام شبح كورونا فوق القاعات والمقرات الرسمية اللبنانية، ويبقى الاتكال على وسائل الحماية والسلامة التقليدية من تعقيم وتطهير للاماكن والاوراق والملفات ووضع قفازات وكمامات، مع الدعاء الا تستفحل الامور الى حد يصبح فيه اللجوء الى الانترنت من الامور الالزامية دون اي خيار آخر، والقبول عندها بشكل قسري بالمخاطر التي تترافق مع هذا الاجراء .

*حسين عزالدين

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى