عالمي

الى اين يتجه التوتر الحدودي بين السودان واثيوبيا؟

يرى مراقبون أن الاشتباكات الحدودية بين ميليشيات يشتبه بأنها مدعومة من إثيوبيا وبين القوات المسلحة السودانية، يمكن أن تعزز سيناريو اندلاع حرب شاملة بين الجانبين، في حين يعتبر آخرون لجوء السودان للحوار مع إثيوبيا مؤشرا على ترجيح الدبلوماسية بدلا من مواجهة مباشرة. وعلى هذا الصعيد أعلنت الخرطوم استدعاء القائم بالأعمال الإثيوبي لمناقشة الاحداث الأخيرة التي أدت الى خسائر في صفوف القوات السودانية.

العالم-تقارير

قالت السلطات السودانية إن ميليشيات “مدعومة من إثيوبيا” اخترقت الحدود السودانية الإثيوبية في ولاية القضارف، صباح الخميس الماضي، حيث اعتدت على المشاريع الزراعية بمنطقة بركة نوريت وقرية الفرسان، واشتبكت مع قوة عسكرية سودانية في معسكر بركة نورين، مما اسفر عن مقتل قائد القوة السودانية، النقيب كرم الدين، وإصابة عدد من العسكريين والمدنيين.

ويعد هذا أول اتهام سوداني علني لإثيوبيا بالانخراط في شن اعتداء على الخرطوم، فيما لم يرد تعليق بعد من أديس آبابا، وبالرغم من هذا الاتهام وتحذير الجيش السوداني من اندلاع “حرب شاملة” بين البلدين، إلا أن السودان بدى يحاول الدفع نحو التهدئة أكثر مع إثيوبيا من خلال خوض الحكومة اتصالات دبلوماسية مستمرة مع إثيوبيا لاحتواء التوتر على الحدود.

وفي السياق ذاته، أعلن الجيش السوداني، عودة الهدوء إلى المنطقة الحدودية المشتركة مع إثيوبيا، مؤكدا في الوقت نفسه أن القوات السودانية الموجودة على الحدود متمركزة في مواقعها، بانتظار أي تعليمات قد تصدر من القيادة العليا. وقال المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد عامر محمد الحسن، إن الأوضاع هادئة على حدود البلدين لليوم الثاني، موضحا أن هناك اتصالات قديمة بين قادة القوات الميدانية التابعة للبلدين، أفلحت في تهدئة الأوضاع على جانبي الحدود، وأن هذه الاتصالات قديمة، الغرض منها حفظ الحدود وأمنها.

واوضح الحسن: “ارتأينا إعطاء الفرصة للدبلوماسية في الخرطوم وأديس أبابا، قبل اندلاع الحرب الشاملة بين البلدين”.

وفي سياق متصل، قالت وزارة الخارجية السودانية اليوم السبت إنها استدعت القائم بالأعمال الإثيوبي للاحتجاج على توغل “مليشيات إثيوبية” مسنودة من الجيش الاثيوبي واعتدائها على المواطنين والقوات المسلحة داخل الأراضي السودانية. وعبرت الخارجية في بيانها عن إدانة ورفض الحكومة لهذا “الاعتداء” الذي أسفر عن مقتل وإصابة عدد من ضباط وأفراد القوات المسلحة ومواطنين سودانيين، من بينهم أطفال.

ونقل مدير إدارة دول الجوار بالوزارة للقائم بالأعمال الأثيوبي لدى الخرطوم إدانة ورفض الحكومة السودانية لهذا الاعتداء الذي يأتي في وقت كانت الاستعدادات تجري في الخرطوم لعقد الاجتماع الثاني للجنة المشتركة رفيعة المستوى لقضايا الحدود التي يرأسها من الجانب السوداني وزير رئاسة مجلس الوزراء ومن الجانب الأثيوبي نائب رئيس الوزراء، وطالب باتخاذ الاجراءات الكفيلة بوقف مثل هذه الاعتداءات، ونبّه إلى “أن استدامة وتطوير التعاون بين البلدين لابد أن يبني على الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال وحدود كل منهما وحق شعبيهما في العيش في أمان وسلام واستخدام مواردهما الطبيعية والاقتصادية دون تغول أو اعتداء من أي طرف على الأخر”، بحسب ما جاء في بيان الوزارة.

وبحسب محللين فإن خيار الحرب الشاملة بين السودان واثيوبيا غير وارد في الوقت الراهن إلا إذا تكررت الاعتداءات وخرجت الأمور عن السيطرة تماما، حينها قد تنزلق البلدين إلى أتون حرب شعواء.

ويرى مراقبون أن توجه السودان للحوار مع إثيوبيا يشير إلى اختيار الحلول الدبلوماسية بدلا من مواجهة مباشرة مع جارته، مشيرين إلى أن هذه الاشتباكات ليست بمعزل عن ملف سد النهضة حيث ستضعف أكثر آمال التوصل إلى تسوية في ما يخص هذا الملف الذي تجري بشأنه مشاورات بين مصر وإثيوبيا والسودان، لكن خبراء يستبعدون أن يكون هناك أي ارتباط بين تلك الأحداث والمواقف السودانية الأخيرة بشأن سد النهضة، معتبرين ان هذا التوتر مرتبط بموسم هطول الأمطار والبحث عن أراضي زراعية تعتمد على موسم الأمطار.

وبالتزامن مع التصعيد على الحدود، خرجت تصريحات من وزارة الري السودانية، الخميس، تنفي أي خلاف مع إثيوبيا بشأن مفاوضات سد النهضة، ردا على وسائل إعلام محلية تحدثت عن وجود خلافات. كما أكدت الخرطوم أكثر من مرة أنه لن يكون لقضية الحدود مع الجارة إثيوبيا أي تأثير على دورها في مفاوضات سد النهضة.

من جهته قال والي القضارف بالسودان اللواء الركن نصر الدين إن جملة المساحات الزراعية المعتدى عليها من الجانب الإثيوبي منذ ستينيات القرن الماضي تبلغ سبعمائة ألف فدان، ولم يستبعد حدوث أي سيناريوهات على الأرض، إلا أنه أكد أنهم كقوات مسلحة مستعدون لحماية المواطن والأراضي السودانية.

كما أعرب عبد القيوم لدى زيارته برفقة مسؤولين محليين جرحى الهجوم الإثيوبي على منطقة بركة نورين عن أمله في أن تفضي الاتصالات الجارية حاليا بين البلدين إلى نتائج تؤدي لحسم هذا الملف.

ومنذ عقود، تستخدم مجموعات إثيوبية مزارع في منطقة الفشقة الحدودية السودانية التي أعاد الجيش السوداني الانتشار فيها وزارها رئيس مجلس السيادة الانتقالي عبدالفتاح البرهان، في وقت تشهد فيه المنطقة الحدودية توترات مستمرة جراء نشاط عصابات إثيوبية حيث تظهر هذه المجموعات من داخل إثيوبيا للقيام بعمليات نهب باتت مقلقة للسودان.

وتجدد هذه التطورات مطالبات بإعادة ترسيم الحدود بين البلدين لم يتم الحسم فيها لا سيما مع تكرر أعمال النهب من الجانب الإثيوبي. في ظل الانفلات الأمني الذي تشهده المنطقة بسبب توغل المجموعات الإثيوبية إلى الأراضي السودانية، والسيطرة على المحاصيل وحتى الدخول في مواجهات مع القوات المسلحة السودانية التي أدت إلى حدوث خسائر بشرية.

وفي الوقت الذي يتهم فيه البعض الحكومة السودانية بالتساهل مع الميليشيات الإثيوبية التي لن يقدر الماسكون بزمام الأمور في السودان في الظرف الراهن حسمها بصفة نهائية باعتبار أن السلطات الحالية انتقالية، يؤكد مراقبون أن الحل لهذه التوترات التي تفضي إلى زعزعة الأمن في المنطقة هو الإسراع في ترسيم الحدود المشتركة بين البلدين.

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى