مقالات

هل تتسبب أزمة كورونا بفقدان آلالاف في الدول الخليجية وظائفهم؟

مع وصول فيروس كورونا المستجد إلى الدول الخليجية وتسببه بإغلاق غالبية المؤسسات الرسمية، وشركات القطاع الخاص، ينتظر آلاف العمال والموظفين تداعيات خطيرة على وظائفهم قد تصل إلى تسريحهم، في حين أبدت دول استعدادها لتحمل تبعات ذلك.

العالم- مقالات وتحليلات

ويتخوف اقتصاديون من أن سوق العمل في الدول الخليجية مرشحة لفقدان آلاف الوظائف نتيجة تفشي فيروس كورونا، خاصة في ظل الانخفاض الكبير بأسعار النفط الذي يعد مورداً رئيسياً للكثير من موازنات الدول الخليجية.

ومن المتوقع أن تتسبب زيادة فترة الإغلاق التام في المنطقة الخليجية ضمن الإجراءات الوقائية من فيروس كورونا المستجد في زيادة التكلفة على الدول الخليجية وموازناتها.

وسيفقد العالم بشكل نحو 24.7 مليون وظيفة في العام الحالي في أسوأ السيناريوهات، ونحو 5.3 ملايين وظيفة في أفضل الاحتمالات، وفقاً لتقرير حديث صادر عن منظمة العمل العالمية.

ودارت حرب نفطية بين السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، وروسيا، ثاني أكبر المصدرين، في الأسابيع الماضية بعد فشل مجموعة الدول المصدرة “أوبك” بقيادة المملكة، والدول النفطية خارجها بقيادة موسكو، في الاتفاق على خفض في الإنتاج.

إجراءات قطرية

في قطر سارعت وزارة التنمية الإدارية والعمل والشؤون الاجتماعية إلى اتخاذ عدد من الإجراءات للوقوف إلى جانب العمال؛ كان أبرزها أن العمال في القطاعات التي اتبعت التعليمات الحكومية سيتم الاستمرار في تلقي أجورهم الأساسية والبدلات الأخرى مثل الغذاء والمسكن، وسيتلقى جميع العمال أجرهم الأساسي وبدلاتهم من صاحب العمل.

كما ستعمل الوزارة، وفق بيان لها ضمن إجراءاتها بعدم التخلي عن العمال في ظل الأزمة، على توفير الرعاية الطبية اللازمة والضرورية والغذاء والسكن بشكل مجاني، في حال ثبتت إصابة أحد العمال بالفيروس.

وحول إمكانية استمرار تلقي العمال أجورهم خلال فترة العزل الصحي أو الحجر أو خلال تلقي العلاج أكدت الوزارة أنه سيتلقى جميع العمال المعزولين أو المحجوزين أو الذين يتلقون العلاج أجرهم الأساسي وبدلاتهم بغض النظر عما إذا كان يحق لهم الحصول على إجازة مرضية.

أرقام صادمة

في الكويت توصلت دراسة ميدانية إلى أن آلاف الكويتيين مهدَّدون بالتسريح من أعمالهم، وشركات صغيرة ومتوسطة لن تكون قادرة على سداد المصروفات الشهرية اعتباراً من شهر مايو المقبل، في ظل تفشي جائحة فيروس “كورونا المستجد” بالبلاد.

جاء ذلك وفقاً لدراسة مبنيَّة على بحث ميداني جُمعت بياناته من نحو 250 شركة صغيرة ومتوسطة، أعدتها الجمعية الكويتية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، ومركز ريكونسنس للبحوث والدراسات، وشركة تساويق للاستشارات التسويقية، ونشرتها صحيفة “القبس المحلية”، اليوم الأحد.

الدراسة التي رُفعت إلى مجلس الوزراء الكويتي حول معالجة تداعيات انتشار فيروس كورونا على المشروعات الصغيرة والمتوسطة، بينت أنه في حال تعثّر 50% فقط من المشاريع فإن نحو 100 ألف عامل سيصبحون عاطلين عن العمل.

كما أوضحت أن “ذلك سيكون من دون احتساب العمالة الوطنية، على اعتبار أن عدد المسجلين على الباب الخامس 16 ألف صاحب عمل، ومتوسط عدد الموظفين في بعض المشروعات 10 موظفين، وفي أخرى يصل إلى 20 موظفاً”.

ومع استمرار أزمة كورونا ستصبح 60% من المشروعات الصغيرة والمتوسطة غير قادرة على سداد المصروفات الشهرية اعتباراً من شهر مايو المقبل، حسب الدراسة.

وتهدد الأزمة، وفق الدراسة، 24 ألف كويتي من المسجلين على الباب الثالث في التأمينات الاجتماعية بالتسريح من أعمالهم، إذ تبلغ نسبة المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي توظف كويتيين 77%، بمتوسط 3 في كل مشروع.

وأشارت إلى أن 8 آلاف شخص من المواطنين المسجلين على الباب الخامس “أصحاب المشروعات” مهدَّدون أيضاً بفقد وظائفهم.

وظائف الإماراتيين

في الإمارات ظهرت نتائج تواصل تفشي فيروس كورونا مبكراً على قطاع الوظائف؛ إذ عملت شركة الاتحاد للطيران في أبوظبي على تخفيض رواتب العاملين بالإدارة إلى النصف مؤقتاً، مع خفض أجور موظفين آخرين بمقدار الربع في أبريل المقبل.

كما ستفرض مجموعة الإمارات -وهي شركة قابضة حكومية تتبعها طيران الإمارات- تخفيضاً مؤقتاً في الراتب الأساسي لأغلبية موظفيها بنسبة تتراوح بين 25 و50%.

كذلك بدأ قطاع الفنادق في الإمارات بتقليص عدد العاملين فيه مع وقف الحجوزات وتراجع وصول السياح بسبب أزمة فيروس كورونا، وهو ما يعني أن الآلاف أصبحوا بلا عمل.

ونقلت وكالة “رويترز” عن جيمس سوانستون، الاقتصادي المتخصص في شؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى كابيتال إيكونوميكس: “في حالة استمرار تلك الإجراءات الرامية لمكافحة الفيروس لنحو ثلاثة أشهر أو أربعة، فستقتطع من 5% إلى 6% تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي لدبي”.

ويعد اقتصاد دبي، حسب سوانستون، الأكثر حساسية في الشرق الأوسط؛ لقيود السفر الناجمة عن فيروس كورونا، وقد تضطر للجوء إلى إعادة هيكلة للديون أو طلب مساعدة من العاصمة الإماراتية أبوظبي.

نائب رئيس الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) لمنطقة أفريقيا والشرق الأوسط، محمد البكري، يتوقع أن تسبب أزمة فيروس كورونا فقدان البحرين 5 آلاف وظيفة فقط في قطاع الطيران وحده.

كما ستفقد السعودية 140 ألف وظيفة بقطاع الطيران بسبب كورونا، وستتم خسارة 16 مليون راكب، و3.1 مليارات دولار من الإيرادات الأساسية، وفق البكري.

تدخل حكومي

وأمام استمرار فقد الوظائف في السعودية وضع البنك المركزي السعودي عدداً من الإجراءات لتقليل الآثار الاقتصادية لذلك، حيث طالب البنوك بتوفير الاحتياجات التمويلية، وتقديم الدعم اللازم للعملاء الأفراد الذين فقدوا وظائفهم في القطاع الخاص.

وشملت الإجراءات إعفاء جميع العملاء من رسوم إجراء العمليات عبر القنوات الإلكترونية، ومن رسوم انخفاض الرصيد عن الحد الأدنى، ومن أي رسوم تفرض على عمليات إعادة التمويل أو إنهاء اتفاقيات قائمة (سواء تمويل أو من جانب الودائع)، ولمدة ستة أشهر على الأقل.

الخبير الاقتصادي محمد مقداد يؤكد أن دول العالم كلها تأثرت بشكل كبير، وبعض الدول انهارت، وبعضها على وشك الانهيار، والدول الخليجية من الدول التي تضررت لأبعد الحدود بسبب استمرار جائحة فيروس كورونا المستجد.

ولن ينجو الخليجيون، من خسارة وظائفهم بسبب استمرار الأزمة، خاصة مع نزول سعر برميل النفط من 70 دولاراً إلى 20 بسبب المنافسة السعرية المتواصلة بين السعودية وروسيا.

وتتمثل أبرز الوظائف التي سيفقدها الخليجيون بسبب جائحة فيروس كورونا المستجد، حسب مقداد، في شركات الطيران التي توقفت عن العمل وتسيير رحلاتها إلى مختلف الوجهات العالمية، والمطاعم، وشركات المقاولات، والبورصة.

وستنخفض قدرة الحكومات الخليجية على التوظيف، كما يؤكد مقداد، في حال استمرت الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيفقد الآلاف أعمالهم، وسيتسبب في ارتفاع نسب البطالة، خاصة مع انخفاض الموازنات إلى الثلث بسبب انخفاض أسعار النفط.

ويستدرك الخبير الاقتصادي بالقول: “بالرغم من النظرة التشاؤمية فإن الدول الخليجية ستقوم بدفع رواتب للعاملين لديها وهم جالسون في بيوتهم، وستخصص المليارات لذلك كما فعلت الدول الأوروبية، وذلك حتى يتمكنوا من العيش الكريم”.

وحول مواصلة السعودية لحرب الأسعار مع روسيا يرى مقداد أن الرياض مطالبة بالتوقف عن المنافسة مع موسكو مع تطبيقها لقراراتها بشكل مستقل، وذلك للحفاظ على موازنات الدول الخليجية التي تعتمد على النفط كمورد أساسي.

كذلك سلطت وكالة “بلومبيرغ” الأمريكية الضوء في تقرير لها على تأثر الواقع الاقتصادي في هذه الدول بفيروس “كورونا المستجد” مع اندلاع حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا.

وجاء في التقرير الذي أعدته كل من سيليفيا ويستول، وفيونا ماكدونالد، تحت عنوان “هجوم الفيروس عمَّق من قلق الدول الخليجية بشأن حرب أسعار النفط السعودية”، أن هذه الدول التي جُرَّت إلى الحرب بسبب قرار السعودية المفاجئ ببدء حرب أسعار نفط مع روسيا، تجد نفسها أمام معضلة في التعامل مع انتشار فيروس كورونا، في ظل تراجع مواردها النفطية.

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى