عالمي

التسريبات التركية جس نبض أنقرة للمواقف السورية

تحتار الصحف التركية التي تخرج علينا بين فترة وأخرى، كيف يمكن ان تصف ما ادعت انه تقارب تركي سوري، هذا التقارب الذي ترى فيه إطفاء الجمر تحت الرماد منعا لتجدد الحريق في المنطقة، حيث كانت التسريبات التركية، التي لا تتوقف عن نقلها وسائل الاعلام، ومنها صحيفة ” صباح” المقربة من حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا، والتي تطرقت بشكل مباشر لكل ما تضعه دمشق كثوابت محددة لاي تبادل لوجهات النظر بين تركيا وسوريا، ومنها انسحاب الجيش التركي من الأراضي السورية، ووقف أي دعم للمجموعات المسلحة، في مقابل محاولات تركيا للحفاظ على تواجدها العسكري شمال سوري، ولو ضمن اجندة محددة ووقت معلن، بعد ان ربطت انقرة هذا الوجود بما اسمته الخطر الكردي.

العالم-كشكول

إن ما يتم تسريبه عبر وسائل اعلام تركية، عمّا يدور في فلك المنطقة والاقليم، من مصالحات او مصارحات، من المبكر الحكم على مآله، وبحسب مصادر مطلعة على هذا الملف، تؤكد ان ما تم تسريبه عن قصد أو من دونه لا يمثل سوى رأس جبل الجليد حول التباينات الحادة، في هذا المسار، بين انقرة ودمشق، هذه المصادر، تميل بطبيعة الحال إلى التسليم بأن اللعبة التي تقودها المخابرات الغربية والتركية وبعض العربية في سوريا، وصلت أو شارفت على نهاياتها المحتومة، وثمة استحقاقات في السياسة، لا مفر من التعاطي معها بجدية، خصوصاً أن خيارات التركي تعاني من انغلاق الأفق كما تواجه معضلة الانتخابات واللاجئين والوضع الاقتصادي، لكن ما يجري يحمل في طياته تأثيرات إيجابية، ابرزها ان هناك واقع يرسم بدقة ووضوح في المنطقة، ويعين حدود ومساحات واستحقاقات، جاءت بعد التطورات الميدانية في سوريا، واحدثت فرقا مهما، تتكأ عليه ايران وروسيا، في مساندة الدولة السورية، التي تعلم جيدا ان الألغام التي لم يفككها النظام التركي، هي ما تهدد أي مساع للتقارب بين البلدين، والجميع مقتنع ان الخطر من النظام التركي ما زال قائم، وانه اسوء ما يتربص باي انجاز سوري لانهاء الحرب، وهناك تجارب عديدة تؤكد ذلك.

محركات التقارب التي أدارها الإيراني والروسي، تشمل أيضا النصرة بمسمياتها المختلفة، وفروعها المتعددة، والتي باتت أصلا عبئا ثقيلا على التركي والامريكي وكل مشغليها، ووفق المعلومات التي يتم تداولها، فإن قرار تصفيتها متّخذ على مستوى منظومة العدوان، بعد أن بات من شبه المحسوم الحرج التركي من العلاقة القائمة والمتاعب الناتجة عنها في تحميل أنقرة تبعات بقاء النصرة، وإن تغيير التسميات لم يعد ينفع، وفقد صلاحيته السياسية والإعلامية.

وما يفسر هذا التصعيد في ميدان العسكر، بعد ان كثف الجيش السوري والروسي استهدافهم لمقرات المجموعات المسلحة التكفيرية، في ارياف ادلب وحماة واللاذقية، عبر غارات عنيفة، خلفت قتلى وجرحى في صفوفهم، بالإضافة الى الإصرار من دمشق على انسحاب كافة القوات التركية من ادلب وعفرين وجرابلس وتل ابيض وراس العين، وان يترافق هذا الانسحاب، مع ترحيل كل المسلحين الأجانب، اما ما يتعلق بعودة اللاجئين الى قراهم ومدنهم في ارياف حماة وادلب، والتي طهرها الجيش السوري، وجهت الدولة التركية الى جبهة النصرة امرا بفتح ثلاث معابر كانت مغلقة، امام عودة الأهالي النازحين في مناطق سيطرتها الى الداخل السوري والمناطق المحررة من الإرهاب.

يأتي هذا الحراك التركي مع جبهة النصرة، كما تقول المصادر ان ذلك يأتي ضمن مخطط الاتراك لإعادة تأهيل جبهة النصرة، لتكون منافسا للائتلاف في الخارطة القادمة في الشمال، ولتقدم للمجتمع الدولي على انها معارضة معتدلة، وفي مقابل هذا الحراك برز أيضا في الشمال السوري حراك امريكي متصاعد، عبر السعي الأمريكي للسيطرة على المجموعات المسلحة، وتكوين جسم عسكري إرهابي جديد هناك، يقوض أي حراك روسي إيراني، بالإضافة الى انعاش المنطقة اقتصاديا عبر مشاريع أمريكية تنموية، تساهم بتشكيل حاضنة شعبية لوجوده، وبالفعل بدأ التواصل مع ما يسمى الائتلاف المعارض، بعد التحذيرات التركية لهم، والعمل على رسم صورة جديدة للمنطقة على المستوى العسكري والإداري والسياسي، والاقتراح على الامريكية تشكيل إدارة للمنطقة مؤلفة من 28 عضوا، تضم 7 ممثلين عن الفيالق المسلحة التي تشكل عماد ما يسمى بالجيش الوطني، بالإضافة الى سبعة اخرين من وجهاء المناطق، والسيطرة على كل المعابر، وتوحيدها بإدارة مؤسساتية، للحفاظ على تمويل هام لهذا الجسم الجديد.

في ظل كل ذلك تبقى بورصة الحراك ومروحة المبادرات في الشمال السوري، لا تشير الا الى صعود اسهم الدولة السورية في أي حراك او حل، واستقرار المؤشر على ان إنجازات الدولة السورية على المستوى السياسي والعسكري، تصرف الان بإنجازات على المستوى الميداني وضمن مجموعة استانا، ولن يكون هناك أي تقارب مع الدولة التركية الا بالشروط والرؤية السورية.

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى