عربي

 ظهور القاتل بومبيو على قناة “العربية” السعودية.. لماذا الآن؟

“أن أميركا قامت بقتل قاسم سليماني لأنها على أهبة الاستعداد لحماية الشعب الأميركي، ولأن سليماني كان منخرطا في مخطط لقتل 500 أميركي، وقد تمكنت الإدارة الأميركية بالإطاحة بذلك المخطط وهو ما قامت به فعلا”، هذا الكلام هو لوزير الخارجية الامريكي السابق مايك بومبيو، قاله في لقاء اجرته معه قناة “العربية” السعودية مؤخرا.

العالم – كشكول

ظهور بومبيو، الذي تنفق عليه الحكومة الاتحادية الامريكية وعلى رفيقه الاخر في ادارة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، براين هوك، المبعوث الامريكي الخاص بإيران، شهريا نحو 2175000 دولار، لحمايتهما من العقاب الذي يتربص بهما لتورطهما بشكل مباشر في جريمة إغتيال الشهيدين القائدين قاسم سليماني وابو مهدي المهندس ورفقاهما الابرار وسط بغداد، اثار عددا من الاسئلة، بسب توقيتها وبسبب هوية القناة التي ظهر عليها.

ما قاله بومبيو ليس جديدا، فهو كرر ما قاله عدة مرات، وفي كل مرة يقول شيئا مختلفا عما قاله في المرة السابقة، فالرجل معروف عنه انه اكبر كذاب في تاريخ وزارة الخارجية الامريكية على الاطلاق، بشهادة الامريكيين انفسهم، لذلك فهو ينسى ما قاله سابقا، فالكذاب كما هو معروف ضعيف الذاكرة، لذلك استحق وبجدارة ان يكون وزير خارجية رئيس مثل ترامب، لا يستطيع ان يتحدث دون ان يكذب، وهذا بشهادة الامريكيين انفسهم، الذين رصدوا لبومبيو وترامب عشرات الالاف من الاكاذيب في وقت قياسي.

القاتل الارهابي بومبيو، لا يرى في الكذب شيئا سيئا، بل الكذب جزء لا يتجزأ من مجد امريكا، فالعالم كله يتذكر، الكلمة التي القاها امام طلبة جامعة “اي اند ام” بتكساس، في نيسان / ابريل عام 2019، والتي برر فيها علاقة ادارة سيده ترامب الحميمة ، بشخص ولي العهد السعودي محمد بن سلمان حتى بعد الكشف عن تورط الاخير بقتل الصحفي جمال خاشقجي، حيث قال ما نصه: “كان شعار جامعة ويست بوينت (جامعة عسكرية في امريكا) هو: لا تكذب، لا تخدع، لا تنهب، ولا تتحمل الذين يرتكبون هذه الامور. ولكن عندما كنت رئيسا لـ”سي آي ايه”، كذبنا، وخدعنا، ونهبنا. لقد تلقينا دورات تدريبية شاملة، وأرى ان هذه الامور تمثل تجربة المجد الامریكي”.

لذلك رصدت صحيفة “نيويورك تايمز” الامريكية 9 روايات متضاربة، بل متناقضة، جاءت على لسان المسؤولين الامريكيين، اغلبها للقاتل بومبيو، لتبرير جريمة قتلهم الجبانة، للشهيد سليماني الذي كان قد حل ضيفا على رئيس الوزراء العراقي السابق عادل عبد المهدي، في البداية قال الكذاب “كان يخطط لعملية كبيرة في المنطقة، كانت من الممكن أن تعرِّض حياة العشرات إن لم يكن المئات من الأمريكيين للخطر”. وان “هذه العملية كانت تشمل المنطقة بأكملها وليس العراق فحسب”.

بعد يومين من الرواية الاولى خرج بومبيو برواية اخرى، قلل فيها من اهمية هذا “الهجوم الوشيك” في اتخاذ قرار بإغتيال الشهيد سليماني وقال “”هو ليس شيئاً واحداً… وإنما مجموعة أشياء. إنه إلامام كامل بالموقف وخطورته وتحليل له”.

الرواية الثالثة جاءت ايضا على لسان المطارد بومبيو، وهي انه جريمة الاغتيال الجبانة جاءت ردا ، على مقتل مقاول امريكي في العراق بهجوم صاروخي.

الرواية الرابعة كانت ايضا من نصيب الكذاب بومبيو، قالها في 9 كانون الثاني / يناير في حديث مع قناة فوكس نيوز، وانكر فيها معرفته بموعد او مكان الهجوم الذي كان يخطط له الشهيد سليماني، عندما قال ما نصه: “كانت هناك سلسلة من الهجمات الوشيكة التي كان يخطط لها قاسم سليماني. ولا نعرف مكانها أو موعدها على وجه التحديد”!!.

وبعد يوم واحد من الرواية الرابعة، خرج بومبيو ليقول “أن الهجمات كانت لا تزال وشيكة رغم أن الولايات المتحدة لم تكن تعرف على وجه التحديد مكان وموعد وقوعها”، الامر دفع المشككين بروايات الكذاب بومبيو ورئيسه الارعن ترامب، وتأكيدهما المتكرر على وجود تهديدات وشيكة، دون ذكر اي تفاصيل محددة عنها، الى ربط هذه الاكاذيب مع اكذوبة إدارة بوش بإمتلاك العراق لأسلحة دمار شامل.

اللافت ان اكاذيب بومبيو وترامب حول الهدف الذي “حاول” ان يستهدفه الشهيد سليماني بـ”هجومه الوشيك”، فكان مرة السفارة الامريكية في العراق، ومرة اخرى سفارات امريكية في العالم، ومرات قواعد عسكرية امريكية، ومرة حصر ترامب الهدف بأربع سفارات امريكية و.. هذه الاكاذيب دفعت وزير الدفاع الامريكي مارك أسبر الى الرد على ترامب وبومبيو وبصراحة صارخة عندما قال في 12 كانون الثاني/ يناير في حديث مع شبكة “سي ن ان” الامريكية: “لم أرَ دليلاً على وقوع هجوم على أربع سفارات”.

من الواضح ان ظهور القاتل بومبيو على شاشة قناة “العربية” السعودية، في هذا التوقيت بالذات، والحديث عن جريمته الجبانة، جاء بطلب من القناة السعودية، في مقابل ملايين من الدولارات، وهو ظهور يؤكد على ان كل ما قيل عن ان السعودية في عهد محمد بن سلمان قد انقلبت على سياستها التقليدية، المحكومة بالتبعية المطلقة للسياسة الامريكية، وتقربها من روسيا والصين والدخول في مفاوضات مع ايران، ليس صحيحا، فالسعودية اثبتت ان بقاءها مرهون بالحماية الامريكية، بل ان السعودية اثبتت وبشكل لا لبس فيه ان شرعية نظامها مُستمدة من التأييد الامريكي حصرا، وإلا ما كانت صورة سيلتقطها ابن سلمان مع الرئيس الامريكي جو بايدن، خلال زيارة الاخير المرتقبة للسعودية، اواسط شهر تموز/ يوليو القادم، ستقلب كل توقعات المراقبين وعنجهيات الاعلام السعودي، حول شجاعة الامير الشاب، واستقلالية السياسة السعودية، راسا على عقب، وستُبقي السعودية في مربعها الاول، مربع المصلحة الامريكية.

الادهى ان السياسة السعودية في نسختها الجديدة، والتي بدات مع ظهور القاتل الكذاب بومبيو على قناتها الرسمية، ستكون اكثر تبعية لامريكا، واكثر اندكاكا بمخططاتها، والصق بالتطبيع مع “إسرائيل“، والابعد عن مصالح دول الاقليم وشعوبه.

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى