عالمي

المجلس الأعلى للقضاء بتونس: قيس سعيّد يريد قضاة خارج الدستور

يعيش المجلس الأعلى للقضاء في تونس حرباً باردة غير خفية مع الرئيس التونسي قيس سعيّد، الذي أصبح يوجه انتقاداته علانية للمجلس، هذا الخير الذي أصبح العنوان العريض للخطابات الأخيرة للرئيس.

العالم – أفريقيا

وبحسب”عربي بوست”، تحدث يوسف بوزاخر، رئيس المجلس الأعلى للقضاء عن المؤسسة التي يترأسها وموقفها من القرارات الأخيرة التي اتخذها الرئيس وفيما يلي نص الحوار:

المجلس الأعلى للقضاء أصبح عنواناً رئيسياً للمعارك التي يخوضها الرئيس ضد ما يعتبره فساداً، فهل تعتبرون ذلك مشروعاً أم أنه تدخل مفضوح في الشأن القضائي؟

أولاً، لم أسمع الرئيس يتحدث عن المجلس الأعلى للقضاء كعنوان فساد ولا يمكن أن يكون المجلس عنوان فساد، ويمكن لأي أحدٍ أن يتهمنا بالفساد؛ لأن المجلس الأعلى للقضاء في تونس مؤسسة ما زالت فتيّة تم تشكيلها نهائياً في مايو سنة 2019، وحسابياً لدينا سنتان منذ انطلاق عملنا فقط.

ثانياً، محاربة الفساد لا تتم برمي مؤسسات الدولة، بل تتم بتضافر جهود الأجهزة الأمنية والقضائية بواسطة ملفات في نطاق احترام حق الدفاع ومبادئ المحاكمة العادلة.

أيضاً، فإن محاربة الفساد ليست خطابات، وإنما ملفات يتم تعهيد القضاء بها، وإذا كان هناك فساد في المجلس الأعلى للقضاء، وإذا كانت أي جهة تمتلك ملفات فساد حول المجلس ما عليها إلا إحالتها على القضاء المختص.

هل تعتقدون أن اتهام القضاة بالفساد والمحسوبية على لسان رئيس الجمهورية يأتي في سياق رغبته في تركيع الجهاز القضائي وإخضاعه لسلطته؟

الاتهام عندما يكون جزافياً وشاملاً ولا يستند إلى ملفات حقيقية يتعهد بها أمام القضاء لا يمكن أن تكون الغاية من ورائه إلا التشويه تمهيداً للسيطرة على القضاء، وتوجيه القضاة في اتجاه معين، ولذلك لا يمكن أن يكون هذا الاتهام إلا ضغطاً على القضاة في ممارستهم مهامهم.

لماذا حسب رأيكم يريد قيس سعيد إخضاع السلطة القضائية لمشيئته بأي شكل من الأشكال؟

واضح أن رئيس الجمهورية لديه رؤية حول المؤسسة القضائية والمجلس الأعلى للقضاء وللقضاء بصفة عامة. الرئيس تحدث عن القضاء كوظيفة وتحدث عن النيابة العامة، وعن تركيبة المجلس الأعلى للقضاء واختصاصاته ومدى تمتعه بالسلطة الترتيبية من عدمه، وهذا الحديث ينسف باب السلطة القضائية في الدستور، ومن الواضح أن الرئيس يسعى إلى تحديد معالم للسلطة القضائية مغايرة عن ما هو موجود في دستور البلاد، وعن ما تضبطه المعايير الدولية من استقلال القضاء.

ما هو موقفكم من المرسوم الرئاسي الأخير القاضي بإلغاء جميع المنح والامتيازات الممنوحة لأعضاء المجلس الأعلى للقضاء؟

التدخل بواسطة المراسيم في قانون المجلس الأعلى للقضاء هو اعتداء على مبدأ التسيير الذاتي للمجلس واستقلاله الإداري والمالي، وهو ضرب الفصل 113 من الدستور، والغاية تتجاوز مسألة وقف المنح والامتيازات في اتجاه تحجيم دور المجلس وتحجيم اختصاصاته، لذلك عبرت الجلسة العامة للمجلس الأعلى للقضاء عن رفضها لهذا المرسوم المخالف للدستور والقانون الأساسي للميزانية ومعايير استقلالية المجلس، وبغض النظر عن وجود هذه المنح والامتيازات المجلس له نيابة انتخابية وله عهدة زمنية محددة في 6 سنوات، سنُكملها بغض النظر عن هذه المنح والامتيازات.

أعلنتم في أكثر من بيان رفضكم المساس بالبناء الدستوري للسلطة القضائية عبر مراسيم رئاسية، فهل تعتبرون أن العمل بالمراسيم مخالف للدستور؟

المراسيم الرئاسية وسيلة اتخذها قيس سعيّد وجاء بها الأمر 117 لدفع خطر داهم شخّصه الرئيس وأعلمنا به شخصياً، ويتمثل هذا الخطر في تدهور الوضع الصحي العام، وتعطل الوظيفة التشريعية، ولم يتحدث مطلقاً عن القضاء كمحور من محاور الخطر الداهم الذي يمكن مجابهته بالمراسيم. لذلك نرفض المساس بالقضاء بواسطة المراسيم، أولاً، لأننا نعتبر أن باب السلطة القضائية في الدستور كفيل ببناء قضاء مستقل، وبالتالي ما نحتاجه ليس المساس بهذا الباب وإنما عصرنة المنظومة القضائية لتساير هذا الباب بآليات العمل القضائي الجديدة. ثانياً، تحيين النصوص الإجرائية، والقواعد الموضوعية، وبناء الهياكل القضائية التي تسمح بتنزيل باب السلطة القضائية على مستوى التشريع، وليس ضرب هذا الباب. ولما قلنا إننا نرفض المساس بباب السلطة القضائية في الدستور كنا نعلم الخطر من وراء ذلك، والدليل أن أول المراسيم التي تهم القضاء مثلت مساساً بالباب الخامس من الدستور.

هل سيمضي الرئيس في حل المجلس الأعلى للقضاء، أم أنه سيتراجع خوفاً من ردة فعل الجسم القضائي المتمسك باستقلاليته؟

حل المجلس الأعلى للقضاء هو حل ما تبقى من مؤسسات الدولة وإلغاء للدستور والضمانات الممنوحة للقضاة في وظيفتهم، لأن القاضي في جميع أنحاء العالم يقضي طبق القانون بغض النظر عن المصالح والأشخاص ولا سلطان عليه غير القانون، وبالتالي حل المجلس الأعلى للقضاء يعني تعليق العمل بالدستور، وتعليق لهذه الضمانات ولا يمكن الحديث بعدها عن العدالة، لذلك أستبعد أن يتم حل المجلس.

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى