عربي

انفجار غامض يستهدف رالي دكار في السعودية: هل من مخاوف انتقام سلفي؟

صمتت السلطات السعودية فيما يبدو، على الأسباب الحقيقية بخصوص وقوع انفجار “أسفل سيارة دعم فرنسية” تابعة لفريق سوديكارز رايسينغ.

العالم- السعودية

كانت السيارة قد غادرت فندقا في جدة سبق فعاليات سباق “رالي دكار” ومتوجهة نحو موقع بداية السباق، لكن يبدو أن الكشف الفرنسي حول وقوع الانفجار، وفتح تحقيق حوله، له أبعد مما يمكن أن يكون قد جرى، وحصره بحادث، ليس له علاقة بشبهة جنائية، كما أعلنت شركة مكة المكرمة.

الانفجار كان قد وقع مطلع الأسبوع، ولكن لم يستطع أحد تفسير أسباب وقوعه، ووفقا لوسائل إعلام فرنسية، فإن الانفجار قد دمر أرضية السيارة، وبعدها اشتعلت النيران فيها، ما دفع بتساؤلات حول وجود لغم ما، جرى وضعه مسبقا أدى إلى تدمير السيارة، أو تفجيرها عن بعد، والظروف التي سمحت بهذا الاستهداف، وعناصره “الإرهابية” المفترضة.

بكل الأحوال، السلطات السعودية، لن تكون مستفيدة من رواج أنباء عن وجود تفجير في حدث سباق رالي عالمي لأسباب إرهابية، تستضيفه، وفنادقه المستضيفة للمشاركين فيه ووسائل تنقلهم، يفترض أنها مؤمنة جميعها بحماية الشرطة، ويصعب على أي جهة اختراقها، الأمر الذي دفع مدير السباق دافيد كاستيرا إلى طلب وضع مزيد من رجال الشرطة لتأمين السباق المستمر لأسبوعين، إلى جانب اندفاع قيادتها الشبابية إلى مزيد من المهرجانات العالمية، والعروضات الترفيهية، في تنفيذ لخطة الرؤية 2030، وتنويع مصادر الدخل غير النفطية، ومنح إقامات زيارة للسياح، وما إذا كانت تلك الفعاليات مهددة بالفعل من قبل أطراف غامضة ولعلها غاضبة ومستفيدة من تعطيلها، وتخريبها.

الانفجار الغامض، نتج عنه إصابة أحد أفراد الفريق الفرنسي، وهو السائق فيليب بوترون بجروح خطيرة في الساق، وجرى نقل السائق المصاب إلى فرنسا، ووضعه في غيبوبة مستحثة طبيا في مستشفى قرب باريس.

ممثلوا الادعاء المعنيون بمكافحة الإرهاب في فرنسا كما ذكروا في بيان، اللافت أنهم قد فتحوا بالفعل تحقيقا أوليا في محاولة اغتيال بدافع الإرهاب، على أن تجري وكالة مكافحة الإرهاب الفرنسية التحقيق في الواقعة، وهو ما يضع السلطات السعودية أمام واقع تحقيق خارجي فرنسي والمصاب مواطن فرنسي، ويطرح تساؤلات إذا ما كانت تلك السلطات (السعودية) معنية بالسماح للفرنسيين، التحقيق بشكل كامل، وحر في أسباب الانفجار، والوصول لنتائج واقعية حقيقية، أم أنها ستكتفي بنتائج التحقيقات التي أعلنتها شرطة مكة المكرمة بعدم وجود شبهة في واقعة الانفجار الأحد الماضي، وهي عادة السلطات السعودية في التعامل مع القضايا الداخلية، وأحكامها عادة.

ويبدو أن التحقيق الذي تحدث عنه المتحدث الإعلامي لشرطة مكة المكرمة، قال إن الشرطة باشرت منذ الخميس التحقيق “بحادث عرضي” وقع بمحافظة جدة، لمركبة خاصة بفريق العمل المساند لأحد السائقين المشاركين في سباق رالي دكار 2022، يبدو أنه استمر لعدة أيام فقط، وهي فترة قصيرة عموما، انتهى بالشكل القاطع سعوديا بعدم وجود شبهة، على عكس الادعاء الفرنسي بوجود محاولة اغتيال بدافع الإرهاب.

وبعودة عبارة اغتيال بدافع “الإرهاب”، تعود العربية السعودية إلى مخاوف وتساؤلات حول عودة التيار السلفي إلى المملكة، وربما بداية انتقامه من احتضان “أرض الحرمين” للسباقات، والفعاليات، التي فيها من الاختلاط، والسفور، ومظاهر التحرش، والرقص، التي تتنافى مع ضوابط الشريعة الإسلامية، رغم أن الجميع يجمع أن ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، نجح على الأقل حتى ما قبل الانفجار، إلى لجم، وتحييد رجال الدين، والمؤسسة الدينية، وفروعها (هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) التي شاطرت الملوك السعوديين الذين سبقوه الحكم دينيا مناصفة، وتركت للعائلة الحاكمة الشأن السياسي، فهل من مؤشرات ومخاوف على وجود عودة للسلفيين، وصراع قادم معهم، حيث المنصات السعودية عبرت عن امتعاض ملموس عبر “تويتر” من مظاهر موسم الرياض، وخلاعتها غير المسبوقة.

وقد يكون الانفجار له علاقة حصرا باستهداف الفرنسيين في السعودية، فهذا الانفجار قد سبقه انفجار أثناء مراسم لإحياء ذكرى الحرب العالمية الأولى، نظمته القنصلية الفرنسية في جدة، ما أسفر عن إصابة عدة أشخاص أواخر العام 2020، وفي ديسمبر الماضي اعتقل رجل سعودي بعدما هاجم وأصاب حارس أمن عند القنصلية الفرنسية في جدة، العامل المشترك هنا، استهداف المصالح الفرنسية في السعودية.

ولعل السلطات السعودية ستكون مستنفرة، وعلى أهبة الاستعداد بعد هذا الانفجار، لأن أي استهداف قادم، قد يعيدها إلى مرحلة الإرهاب المتشددة بداية الألفية، وكان عنوانها في حينها خروج الدولة السعودية عن ضوابط الدين، واستضافة الأمريكيين على أراضيها، في شهر مارس المقبل ستكون العيون مسلطة بالتأكيد على استضافة كورنيش جدة جولة فورميلا 1، وهي أرفع سباقات العالم، وأكثر اهتماما عالميا في الأوساط الرياضية.وبالرغم أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مستفيدٌ من تعبئة خزينته بالأموال السعودية ضمن صفقات شراء السلاح الفرنسي، وكان في زيارة المملكة استقبله فيها بن سلمان، لكن وزارة الخارجية الفرنسية، لم تتوان عبر موقعها على الانترنت عن توجيه نداء لمواطنيها في المملكة، اتخاذ أقصى درجات اليقظة من مخاطر أمنية”، كما لم تستبعد العمل الإجرامي، وهو تحذير يضع السلطات السعودية موضع الحرج، فهي تتباهى بأن إجراءتها الأمنية، جعلت من البلاد، واحة أمن وأمان داخليا، ليأتي الانفجار ويضع علامات استفهام حول هذه الواحة الآمنة للزوار حال تكرر الانفجارات، فيما يتواصل استهداف اليمنيين للمراكز والأهداف الحساسة في المملكة النفطية للمفارقة.

خالد الجيوسي/رأي اليوم

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى