عالمي

حين يهدد ترامب الصين .. هذا يعني انه يتوجع 

لا جدال في ان الرئيس الاميركي دونالد ترامب متخبط في الكثير من التصريحات حول الكثير من القضايا وابرزها فيروس كورونا. والامر ينطبق على تعاطيه مع الصين منذ الاعلان عن انتشار الفيروس. من الحديث عن ان كل شيء بخير والصين تسيطر على الوضع الى اتهام بكين بنشر الفيروس والتقصير في مواجهته وايصال العالم الى ما يعيشه اليوم. فما الذي تغير ولماذا بدا ترامب يهدد ويتوعد الصينيين على خلفية كورونا؟ 

شكل تفشي فيروس كورونا في الولايات المتحدة ضربة قوية جدا لترامب واجندته الداخلية التي بنى عليها للترويج لاعادة انتخابه. فالاقتصاد الذي يمثل القوة الاساسية التي يعتمد عليها تعرض لهزة تاريخية مع توقف الانشطة الاقتصادية.

لكن كورونا ليس السبب الوحيد. تشير الارقام الى ان الدين العام الاميركي ارتفع في عهد ترامب اكثر من 2 تريليون دولار (2000 مليار دولار) من حوالي 20 تريليون الى 22 تريليون خلال 3 سنوات. هذا الارتفاع في الدين من اسبابه الرئيسية التخفيضات الضريبية التي منحها ترامب للشركات الكبرى اضافة الى زيادة الانفاق العسكري بشكل هستيري. (لقد بلغ حجم العجز في الميزانية الاميركية لعام 2019 حوالي 900 مليار دولار)

هذا ليس كل شيء، فالولايات المتحدة مَدينَةٌ للصين بأكثر من (1.2 تريليون = الف ومئتي مليار دولار). والى جانب ذلك لا يغيب واقع ان الاقتصاد الصيني بدا يتعافى ويستعيد قوته بعد السيطرة على فيروس كورونا، بينما يتلقى الاقتصاد الاميركي الضربة تلو الاخرى من اغلاق الشركات الى توقف عجلة الاقتصاد والانشطة التجارية والصناعية والزراعية وصولا الى انهيار اسعار النفط. كل ذلك افقد ترامب اعصابه، بعدما افقده اوراقا مهمة جدا في معركته للبقاء في البيت الابيض.

وبناء على ذلك كان طبيعيا ان يخرج الرئيس الاميركي ليوجه الاتهامات الى بكين ويتوعدها. طبعا الدليل الذي تحدث ترامب عنه من ان فيروس كورونا خرج من مختبر ووهان لا يعتد به لانه يصدر عن شخص لطالما تسلح بأدلة تبين لاحقا الا وجود لها والامثلة عديدة.

اما الحديث عن عقوبات وفرض تعرفات جديدة على الصين فهي للتنفيس عن الغضب لا اكثر، وتوزيع للادوار لاظهار الصين بانها مسؤولة عما يعانيه ترامب. حيث خرج مستشار الاخير الاقتصادي “لاري كدلو” متوعدا الصينيين بالحساب بسبب فيروس كورونا.

لكن الملفت الاهم في هجوم ترامب على الصين هو اتهامها بالعمل على عدم انتخابه مرة ثانية، وفي هذا دلالات في اكثر من اتجاه.

الدلالة الاولى هي ان اتهام ترامب هذا يشكل ضربة للتركيبة السياسية والمؤسساتية الاميركية. فهو ادخل هيكلية وعملية انتخاب الرئيس في الولايات المتحدة في بازار المهاترات والمزايدات الداخلية والخارجية.

الدلالة الثانية هي ان ترامب يريد اخبار انصاره الذين ظهروا في الفترة الاخيرة ضد الاغلاق العام وهم يمثلون اليمين المتطرف والعقلية الميليشياوية انه مستهدف، وبالتالي يريد تحريضهم على اساس ما يعرف بنظرية (كيو أنون) أو ( Q Annon ) والتي تقوم على فكرة ان ترامب يتعرض لحرب من قبل الدولة العميقة ومن قطاع الاعلام والفن والسينما وبالتالي لا بد من مواجهة هذه الحملة. وهذا يعني ان ترامب لن يتاخر في تحريض انصاره المتطرفين في حال وجد انه قد يخسر الانتخابات

كل ذلك يدل على ان ترامب بدأ يتوجع مما يحصل ولم يجد الا اسلوب القاء اللوم على الاخرين لتبرير فشله. (فلا يمر يوم الا ويتهم الاعلام تارة وادارة باراك اوباما تارة اخرى والان الصين). وليس بعيدا ابدا في حال خسر ترامب الانتخابات ان نسمع بما يسمى قضية التدخل الصيني في الانتخابات او (ChinaGate) على غرار قضية التدخل الروسي في الانتخابات الماضية.

*حسين الموسوي

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى