مقالات

ايران تنجح في تعرية ترامب وادارته

الاتصالات التي يجريها الرئيس الايراني حسن روحاني مع نظرائه وقادة دول العالم وكذلك الاتصالات التي أجراها وزير الخارجية محمد جواد ظريف في ظل استمرار الحظر الاميركي الظالم على الشعب الايراني رغم تفشي وباء كورونا العالمي، نجحت في تعرية الرئيس الاميركي دونالد ترامب وادارته وكشفت حقيقتهم أمام العالم.

العالم – مقالات وتحليلات

على الرغم من أن معظم دول العالم وصلت الى قناعة بأنه لا يمكن الوثوق بترامب ووعوده ومواثيقه نتيجة تنكره المستمر لها وانسحاباته من المعاهدات والاتفاقيات الدولية من بينها الاتفاق النووي، إلا أن أغلب هذه الدول لم تكن تتصور أن سمسار البيت الابيض لا يمتلك ذرة من الانسانية، وانه مستعد للقيام بأي شيء من أجل تحقيق أهدافه، فبالأمس القريب أعلن وبكل صراحة بأنه ليس مستعدا للاخلال بعلاقته مع السعودية وتوجيه الانتقادات لها وتهديدها وفرض العقوبات عليها، من أجل قيامها بقتل الصحافي جمال خاشقجي بشكل مروع، واليوم يعلن بكل وقاحة بأنه ليس مستعدا لإلغاء الحظر الظالم ضد ايران لمساعدتها في مواجهة وباء كورونا العالمي.

الحظر الاميركي الظالم على الشعب الايراني وعشرات القضايا الانسانية الأخرى كشفت زيف مزاعم امريكا وعموم الغرب بالدفاع عن حقوق الانسان، وبرهنت على ما كانت تقوله ايران من أن الغرب يُسيّس القضايا الانسانية ويستخدمها كأداة لتحقيق الأهداف السياسية والاقتصادية وانه يقوم بابتزاز الدول المستقلة عبر ذريعة انتهاكها لحقوق الانسان.

منذ بداية التحرك الدبلوماسي الايراني سواء عبر الاتصالات التي يجريها الرئيس روحاني او التي اجراها الوزير ظريف، والتي تزامنت مع تفشي وباء كورونا في ايران، لا تمّر فرصة الا وينتهزها ترامب أو وزير خارجيته مايك بومبيو لتكرار اكاذيبهما لوسائل الاعلام بأن سياسة واشنطن لا تستهدف الشعب الايراني وانما حكومته، وبذلك يحاولان تجاهل حقيقة أن المتضرر الرئيسي من إجراءات الحظر الظالمة على البلدان هو الشعوب فقط، بل وصل الامر ببومبيو والمتحدثة باسم البيت الأبيض كايلي ماكنايني، أن يزعما بأن الحكومة الايرانية ترفض المساعدات التي تعتزم الادارة الاميركية تقديمها للشعب الايراني!!.

مروحة التحركات الدبلوماسية الايرانية منذ نحو شهرين والى هذا اليوم نجحت في نقل السياسة الاعلامية الاميركية تجاه ايران من موقع الهجوم الى موقع الدفاع، فلم يعد العالم يسمع الاتهامات المتكررة التي يوجهها البيت الأبيض لايران بانها تهدد الاستقرار العالمي، وانما يسمع كلمات الدفاع عن النفس!!، او ان واشنطن تريد مساعدة الشعب الايراني ولكن طهران ترفض ذلك!!، وكأن ايران وشعبها بحاجة الى الفتات الذي تريد واشنطن تقديمه لهم، والحقيقة ان واشنطن تريد استرداد ما فقدته من ماء وجهها، ولتقول للعالم انها انصاعت للدعوات الانسانية وتضامنت مع ايران في مكافحتها لوباء كورونا، وقدمت لها المساعدات، وبذلك تتخلص من الاحراج الذي أوقعت نفسها فيه نتيجة اصرارها على ابقاء الحظر الظالم على الشعب الايراني في ظل الوباء العالمي. إلا أن قوة المنطق والدبلوماسية النشطة لإيران برهنتا زيف مزاعم ترامب وادارته بأن الحظر الاميركي لا يستهدف الشعب الايراني وأثبتتا نجاح طهران في تعرية الوجه الحقيقي البشع للادارة الاميركية للعالم أجمع.

ويمكن القول ان السياسة التي انتهجتها طهران تجاه استمرار الحظر الذي تفرضه الولايات المتحدة على الشعب الايراني في ظل تفشي وباء كورونا، كشفت عن حقيقتين مهمتين..

الأولى: ان ايران لن تتنازل عن مبادئها ولن تتراجع عن خطوطها الحمراء مهما كلف الأمر، ومهما كانت الضغوط، ليس لانها تريد معاندة أو مشاكسة أحد كما يحلو للبعض تصويرها، وأنما برهنت التجارب الماضية والحاضرة على انها تسلك السبيل والطريق الصحيح، واثبتت التجارب أيضا على أن مجرد التخلي الطفيف عن مبادئها سيحلق ضررا بالغا بها، وسيفتح شهية انتهازية أعدائها ليطالبوا بالمزيد من التراجع والتنازل دون أدنى مقابل.

الثانية: ان الاقتصاد الايراني يعتمد على الامكانيات والقدرات الذاتية وهو رصين بما يكفي ولا يمكن هزه وتقويضه باجراءات تتخدها هذه الدولة أو تلك، ولا شك ان الجميع كان يتوقع أن المشاهد التي تناقلتها وسائل التواصل حول هجوم الناس في العديد من الدول وخاصة الولايات المتحدة الأميركية على الاسواق ومحلات الأغذية الكبيرة وسرقة ونهب كل ما احتوته هذه المحلات؛ أن تقع في ايران نتيجة الحصار الاميركي الظالم والتبعات الاقتصادية لوباء كورونا، إلا انه لم تقع أية حادثة من هذا النوع في أية منطقة ايرانية.

معظم الدول تحذر من التبعات الاقتصادية الحالية والمستقبلية لوباء كورونا، ومن المفترض أن يكون الاقتصاد الايراني أكثر عرضة للهزات والانهيار جراء ذلك ولكن الاقتصاد المقاوم الذي تعتمده ايران تجاوز ويتجاوز المرحلة العصيبة باقتدار، وهذا لا يعني أنه لم يتأثر بتاتا بالوباء والحظر، بلي انه قد يتأثر ولكن ليس كما يتوقع ترامب ويدعي بأن الاقتصاد الايراني سينهار في غضون أشهر وستركع طهران امام واشنطن وتتراجع عن سياساتها ومبادئها مقابل الحظر الاميركي.

وهنا ينبغي الاشارة الى حقيقة في غاية الأهمية وهي أن صبر الشعب الايراني وتكاتفه مع المسؤولين خاصة خلال تفشي وباء كورونا لعب الدور الرئيسي في صمود الاقتصاد الايراني بوجه الضربات التي وجهها ترامب وعموم الغرب له، مما يستدعي اعادة نظرهم في السياسة التي ينتهجونها ضد ايران وشعبها المقاوم.

*صالح القزويني

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى