مقالات

‘عملية السياج’.. ‘حرب أدمغة’ و’حرب الإرادات’

ما حدث على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة، من اختراق للسياج الشائك وإزالة أجزاء منه، أثار حالا من البلبلة للعدو الصهيوني، إذ كشف ثغرات خطيرة، وأكدت له في المقابل الصحوة الدائمة للمقاومة وجهوزيتها الدائمة.

العالم – لبنان

فبعد أن تعرّضت سيارة لبنانية عند الحدود اللبنانيةالسورية ظهر الأربعاء الماضي لصاروخ موجّه من الجو أصابها بدقة فدمّرها، اكتشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عند الحدود اللبنانية الفلسطينية أن السياج الحدودي ممزق في ثلاثة مواضع مختلفة، وأن بعض الفتحات التي خلّفها هذا التمزيق كانت كافية لعبور آليات.

لم تتبنّ أي جهة المسؤولية عن أيّ من الحادثتين، وإن كانت المواكبة الإعلامية الإسرائيلية لهما كافية وحدها للدلالة القطعية على أن الأمر يتعلق بفعل إسرائيلي وردّ فعل من قبل حزب الله.

عملياتيّا، قدّم الكيان عرضاً مكرراً من دقته الاستخبارية والتنفيذية المشهود له فيهما، فعمدت المقاومة إلى تقديم عرضٍ مشوقٍ على أكثر من صعيد، لعل أهمها يكمن في أمرين:

الأول، الفاصل الزمني شبه الصفري بالمعنى العملياتي (أخذاً في الاعتبار الوقت الافتراضي المطلوب لدراسة الحدث ومسار صناعة القرار القيادي) بين الاعتداء وردّ الفعل، ما يشي بأن الجهة المنفّذة كانت تتوفر على خيارات عملياتية جاهزة وتنتظر حصراً أوامر الجهات القيادية العليا لتباشر الإجراء. هذا الاستنتاج يعني أننا سنكون مستقبلاً أمام نمط جديد من ردود فعل المقاومة لجهة الالتصاق الزمني المباشر بأفعال العدو، بما يفرضه ذلك من أثر ردعي وإجرائي في حسابات العدو.

الثاني، يرتبط بالكفاءة التنفيذية التي انطوت عليها “عملية” تمزيق السياج وعبوره “المجازي”. نظافة العملية “أحرجت الأنظمة الدفاعية لقيادة المنطقة الشمالية” في جيش الاحتلال، على حدّ تعبير أحد محلّليه الأمنيين، ما قد يستدعي “إعادة النظر في المفهوم الدفاعي على الحدود بعمق”. ليست الحكاية أن مجموعات نجحت في تنفيذ المهمة الموكلة إليها والعودة بسلام من دون أن تكتشفها ما يُفترض أنها المنظومة الحدودية الأذكى في العالم، بل إن بعض الأماكن التي اختيرت لتكون موقع الحدث، على ما يقول عارفون، كانت تقع في وسط حقول الرؤية المباشرة لعدد من المراصد المنصوبة في الجهة الأخرى من الحدود.

في سياق أبعد مدى، تسجل “عملية السياج” نقطة نظام حتمية في دعوى الإنجاز الاستراتيجي التي روّج لها العدو قبل عام ونصف عام، مع إطلاقه عملية “درع الشمال” وزعمه القضاء على شبكة الأنفاق التي أعدّها حزب الله للعبور إلى الجليل في يوم الأمر.
يمكن القول إن “عملية السياج”، عملياً، صفّرت إلى حدّ كبير ذاك الإنجاز. هي أسقطت عن الشمال درعه، وكرّست انكشافه الواقعي أمام إرادة المقاومة ومفاجآتها، وأعادت إلى الأذهان مرة أخرى أن الأصل في مواجهة العدو، في ظل امتيازاته التقنية المتفوّقة هو مزيج إبداعي من “حرب الأدمغة” و”حرب الإرادات”.

* العالم

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى