عالمي

‘شرق أوسط جديد’ بهندسة فرنسية .. هل ينجح؟

يطرح ماكرون نفسه كزعيم أوروبي قوي، فتجلت سياسته الجديدة في الشرق الأوسط، منذ قفز في طائرته في اليوم التالي لانفجار بيروت 4 اب/اغسطس الماضي ليلعب دور الدولة الراعية للبنان، الأمر الذي واصله بزيارته الثانية في الاول من أيلول/سبتمبر الحالي.

العالم – اوروبا

وضرب الرئيس الفرنسي عصفورين بحجر في زياراته بلبنان، ليبدو أن حل مشاكل لبنان بعد مئة عام سيبقى بيد فرنسا وبيروت، عاصمة بقيت بشكل أو بآخر تحت جناح الفرنسيين أصلاً، وفي التاريخ الحديث يذكر الجميع كيف كان ماكرون نفسه من أخرج لبنان من مأزق احتجاز رئيس الوزراء السابق سعد الحريري في الرياض، بزيارته للأخيرة، التي أسهمت في أن يطير الحريري الى باريس حتى قبل الوصول إلى العاصمة التي كان يرأس حكومتها.

من هنا يتصرف ماكرون ببيروت كصاحب اليد العليا، ولا حاجة حتى للتدليل على ذلك باستعراضية سيد الاليزيه في الشوارع والطرقات وبين الركام، ولا حتى فيما نقل عنه من تهديدات للسياسيين بالعقوبات إن عرقلوا تشكيلة الحكومة التي يبدو ان باريس اختارت رئيسها الجديد مصطفى أديب.

ولم يكتفِ الأسبوع الماضي ماكرون بزيارة لبنان، فقد أتبعها الرئيس الفرنسي بزيارة للعراق وطالب الأخير فيه بالاستقلالية ورفض التدخلات الخارجية، ملتقيا أيضا وعلى غرار لبنان بالرئاسات الثلاث بالإضافة لرئيس منطقة كردستان نيجيرفان بارزاني ولكن في بغداد.

وأكد ماكرون خلال زيارته لبغداد على الدعم الفرنسي للعراق وعلى كونه يحمل مبادرة اممية في السياق لمساعدة العراقيين وهو الامر الذي يأتي بعد سلسلة احداث هامة اولها زيارة رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي لواشنطن، وما بدا تغيراً في سياسة الأخيرة تجاه انقرة والتي تشن حملتها “مخلب النمر” في شمال العراق.

الزيارة الفرنسية لبغداد حملت ذات الطريقة الاستعراضية، ولكنها هذه المرة في دولة انتداب بريطاني ورثته لاحقا واشنطن منذ الغزو الأمريكي للعراق عام 2004، لتفتح باب التساؤلات إذا ما كانت فرنسا تستطيع فعلا ملء فراغ الاستدارة الامريكية عن المنطقة وكذلك الغياب البريطاني.

بكل الاحوال، يبدو من المفيد مراقبة النشاط الفرنسي في المنطقة، ليس لان فرنسا تملك تفويضات يخدمها انشغال العالم بتبعات وتداعيات الجائحة والانتخابات الامريكية وخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، ولكن لان باريس اليوم يبدو انها ستكون الدولة الغربية الفاعلة في ترسيم حدود الاقتصاد والسياسة في المنطقة، خصوصا وهي الاقرب لموسكو ايضا صاحبة الكلمة العليا في دمشق.

ولكن هنا يناقش كثر ان باريس لا تملك القدرات الاقتصادية والعسكرية في الفترة الحالية، كما ان التعويل على دول الشرق الاوسط وحدها بينما الاتحاد الاوروبي منقسم تجاه خصومة باريس لانقرة لا يبدو رهانا رابحا، وقد يكون ذلك صحيحا، إلا ان التفويض الممنوح لباريس من حليفيها التقليديين يبدو واضحا حتى نتائج الانتخابات الامريكية في تشرين ثاني/ نوفمبر المقبل، والتي ستعود منها واشنطن لتستأنف نشاطها في مشاريع الاردن الجديد وسوريا الجديدة والشرق الاوسط الجديد، وترافقها بريطانيا غير مثقلةٍ بأعباء الاتحاد الاوروبي الذي يفترض ان تنتهي اتفاقاتها للخروج منه في منتصف تشرين اول/ اكتوبر القادم ايضا.

المصدر: رأي اليوم بتصرف ..

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى