عربي

لبنان امام معركة كبرى في الايام المقبلة

مع ازدياد ضغط معارضي الحكومة توحي مختلف المؤشرات بأن ​لبنان​ سيكون، في الأيام المقبلة، أمام معركة كبرى تتخطى مواجهة فيروس كورونا المستجد، حيث أن بعض القوى السياسية تريد استغلال الأوضاع الاقتصادية والمالية الصعبة للعودة إلى الممارسات السابقة، التي هي في الأصل لم تسمح بتجاوزها على نطاق واسع.

العالم_لبنان

انطلاقاً من ذلك، يصبح كل حديث عن إصلاح في غير مكانه، نظراً إلى أن تلك القوى تريد أن يكون ذلك بأدواتها، أي بالطريقة نفسها التي كانت سائدة على مدى سنوات، وإلا لن تتمكن الحكومة الحالية من القيام بأي إجراء، وما عليها إلا انتظار الأزمات التي ستنفجر في وجهها تباعاً، والتي كان أوّلها الخبز، أي لقمة عيش المواطنين الأساسية.

و كتب موقع النشرة الاخباري اليوم السبت من يستمع إلى القوى السياسية المعارضة، داخل وخارج الحكومة، يظنّ أن رئيس الحكومة حسان دياب هو الذي كان يتحكم بالقرار منذ اتفاق الطائف حتى اليوم، وبالتالي عليه أن يخرج من السلطة كي يسمح لها بمحاولة تصحيح الأخطاء التي ارتكبها، لا بل هي لا تتردد في التهديد بالنزول إلى الشارع لهذا الهدف، تحت عناوين مختلفة أبرزها حماية الفقراء ومكافحة الفساد.

ضمن هذه المعادلة، يقف حزب الله في موقع الساعي إلى الحفاظ على التوازنات، منعاً لسقوط حكومة دياب والذهاب نحو الفوضى، وهو في الأصل كان قد عبّر عن امتعاضه منها خلال مرحلة تشكيل الحكومة، حين كان الصراع محتدماً بين الثلاثي بري-باسيل-فرنجية، لكن في الوقت نفسه لا يملك القدرة على، أو لا يريد، ضرب يده على الطاولة لوقفها، رغم قناعته بأنه هو المستهدف الرئيسي من كل ما يحصل على مستوى المشهد العام، بدليل المواقف الأميركية المعلنة.

بالتزامن مع هذه المواجهة الحكومية، التي من المرجح أن تتصاعد في المرحلة المقبلة على شكل التهديد بالخروج من الحكومة، وربما تنظيم تحركات ضدّها في حال سمحت الظروف الصحّية بذلك، تأتي المواجهة مع حلفاء بري وفرنجية خارج الحكومة، أي الحريري وجنبلاط، فالأول يشعر بأن نجاح دياب يؤدّي لرفع معايير أي شخصية مرشحة لرئاسة الحكومة في المستقبل، ما يعني استبعاده من المعادلة حكماً، في حين أن المعركة الأساس التي يخوضها هي مع شقيقه رجل الأعمال بهاء الحريري، الذي يريد الدخول إلى المشهد السياسي من بوابة الزعامتين العائلية والطائفية، ما يدفعه إلى رفع السقف عالياً بوجه رئيس الحكومة، بالمباشر أو عبر الشخصيات المنتمية إلى تياره السياسي، تحت عناوين متعددة.

أما رئيس حزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فلا يمكن تحديد موقعه الفعلي، رغم أنه يقترب من أن يكون في صفوف القوى المعارضة بشكل كامل، لا سيما بعد المواقف الأخيرة التي أطلقها بحق دياب، فبعد أن نجح رئيس المجلس النيابي في الحد من معارضته، من خلال ضمّ وزيرة الإعلام منال عبد الصمد إلى الحكومة، يريد اليوم أن يضمن الحصة الدرزيّة في مختلف التعيينات، وإلا فتح النار على الحكومة ورئيسها، بدليل ما يحصل في الوقت الراهن، حيث الخلاف على التعيينات في موقع قيادة الشرطة القضائيّة، نظراً إلى أن رئيس “الحزب الديمقراطي اللبناني” النائب طلال أرسلان يريد تطبيق مبدأ الأقدميّة، الذي سبق أن أصرّ جنبلاط على اعتماده في رئاسة أركان الجيش.

إشتدت أواصر المعارضة التي جمعت عظامها الرميم لتصلبها في وجه حكومة حسان دياب والعهد معا. ووصلت طلائع الدعم من فرنسا، حيث عاد سعد الحريري إلى بيروت ليقود مع جنبلاط، سمير جعجع وقد لحق بالركب أخيرا فؤاد السنيورة الآتي قبل نحو شهر على شعار: إضرب حديدا حاميا لا نفع منه إن برد، وهو المستغرب اليوم خطة اقتصادية قال إنها ستؤدي إلى تغيير البلد أو تصفية النظام، رافضا تحميل السياسات الحريرية مسؤولية الانهيار الاقتصادي.
ولكل من هذه المرجعيات أذرع وفروع وتنسيقات ممتدة، من وسائل التواصل إلى نواب الكتل، فحراس أحراش المستشارين الذين سبق لهم أن نموا على المراعي الحزبية والسياسية. واختلطت الأسباب هذه المرة بين الاعتراض على خطة اقتصادية وسوء إدارة الإعاشات والتعيينات، و”الإضبارات” السورية المستجدة بحق عدد من الشخصيات في قوى الرابع عشر من آذار سابقا.
غير أن جميع هذه الحملات يؤدي إلى تحطيم أبواب السرايا. ويخوض زعيم “الحزب التقدمي الاشتراكي” الحروب بالتغريدات، وآخرها موجه إلى رئيس الحكومة قائلا السطو على أموال الناس فكرة الأمنيين جماعة رستم في السرايا ومستشار رئيس البلاد الذي طالب باستعادة الأموال المنهوبة والموهوبة وربما الموروثة، لأنكم تحضرون انقلابا ماليا سياسيا للاستيلاء على البلد على طريقة البعث، وما مذكرة الجلب بحق مروان حمادة إلا لتذكرنا بإرهاب الوصاية“.
وعلى ركام هذه المواقف، فإن الحريري لم يعد بيد فارغة من باريس. فبعد حجر دام نحو شهر ونصف، وفي ظل تمنع لبنان عن سداد ديونه الخارجية، أمن زعيم تيار “المستقبل” مصروفا للمحكمة الدولية، ووفر لها عملا طارئا استقاه من سجال هزلي بين النائب جميل السيد وابن العمة أحمد الحريري، وأعلن فور عودته أنه طلب إلى محامي ممثلي الضحايا المشاركين في المحكمة الخاصة بلبنان، إبلاغ المحكمة بما غرد به النائب السيد لجهة إقراره بصورة مواربة بأن مبلغ السبعة والعشرين مليون دولار أميركي قبضه ثمن قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وقال إن كتلة نواب “المستقبل” تدرس طلب رفع الحصانة النيابية تمهيدا للملاحقة أمام القضاء المختص. وفي رد سريع على الحريري قال السيد: بلطوا البحر.

وفي انتظار تقرير رفع الحصانة وتشغيل محكمة لاهالي العاطلة من العمل، فإن التحقيق وجب أن يأخذ مجراه أولا في طائرة الحريري الخاصة التي ضمت اختلاطا لعشرة أشخاص، علما أنها تتسع لاثني عشر شخصا لم يخضعوا لفحص الpcr.

في المحصّلة، أشهر صعبة تنتظر الحكومة الحالية، في المرحلة المقبلة، قد تؤدي إلى سقوطها في نهاية المطاف، تحت عناوين محقّة تحاكي أوجاع المواطنين وهواجسهم، لكن ما قد يكون صادماً أن حامليها الجدد سيكونون من أمضوا حياتهم السياسية في السلطة

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى