اليمن

هل من مصلحة واشنطن وقف الحرب على اليمن؟

لو ألقينا نظرة سريعة على تصريحات مبعوث الأمم المتحدة الى اليمن مارتن غريفيث، لرأينا انها لا تختلف عن تصريحات سلفيه جمال عمر واسماعيل ولد الشيخ أحمد. فهي خليط من اليأس والأمل والتحذير والنصائح، وهذا ما تضمنته احاطته الاخيرة لمجلس الأمن الدولي.

العالم-مقالات

ففی کلمته أمام مجلس الأمن الدولي امس الخميس أعلن غريفيث عن فشل جهود إبرام هدنة بين الأطراف المتنازعة في اليمن، لكنه أبدى تفاؤله بتحقيق وقف شامل لإطلاق النار في البلاد داعيا أطراف الحرب إلى اتخاذ ما وصفه بالقرار الشجاع لإنهاء الصراع، واکد أن الأنشطة العسكرية مستمرة على جبهات عدة، وأنه تقدم بمقترحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل المعتقلين واستكمال المفاوضات.

وحذر غریفیث من تبعات فشل جهود وقف الحرب في اليمن بينما تواجه البلاد تفشي فيروس كورونا، مشيرا إلى ضرورة التركيز حاليا على مكافحة الوباء، وتوقع أن تتبنى الأطراف المتحاربة قريبا ورسميا اتفاقا على وقف شامل لإطلاق النار على مستوى البلاد، واتخاذ إجراءات إنسانية واقتصادية رئيسية واستئناف العملية السياسية.

أولا وقبل كل شيء، اننا عندما ننتقد مواقف وتصريحات غريفيث، فهذا لا يعني اننا نرفض دور الأمم المتحدة أو اننا نشكك بجهودها، وانما نطمح بأن يكون لها دور حقيقي في احلال السلام واستتباب الامن في جميع المناطق التي تشهد الحروب والازمات والصراعات، لا أن يكون همها الوحيد الملفات التي تسيرها وتوجهها القوى الكبرى وتنفذ ذات السياسة والمطالب التي تفرضها هذه القوى، لذلك تثار الشكوك والانتقادات والاتهامات عندما تنشط الامم المتحدة ومجلس الأمن الدولي في قضايا ويفرضان العقوبات والاجراءات فيها ويتباطأ في قضايا.

وفيما يتعلق بالعدوان السعودي الاماراتي على اليمن فان استمراره طيلة السنوات الخمسة الماضية يعود الى أسباب وعوامل متعددة، من بين هذه العوامل هي أن الولايات المتحدة الأميركية ليس من مصلحتها انتهاء الحرب ووقف العدوان على اليمن لانها تحقق مكاسب هائلة من استمراره، وبالتالي فانها لا تسعى الى انهاء الحرب ووقف القتال وحسب وانما توفر الظروف والعوامل الملائمة لاستمرارها، بل ليس لدى واشنطن أي مانع في اتساع هذه الحرب لتشمل مناطق ودول أخرى، من أجل الحصول على المزيد من المكاسب وابرام المزيد من صفقات السلاح.

أبرز دليل على أن واشنطن لا تريد انهاء الحرب هو انها لا تتخذ مواقف واضحة وصريحة تجاهها، ففي الوقت الذي لا يترك الرئيس الأميركي دونالد ترامب ووزير خارجيته مايك بومبيو شاردة وواردة الا وعلقا عليها، ولكننا نرى انهما قلما يتحدثان عن هذه القضية على الرغم من أن السعودية حليف رئيسي لأميركا، والحقيقة أن واشنطن لا تدري ما تقول، فاذا دعت السعودية والامارات وما يسمى بالتحالف العربي الى وقف العدوان وضغطت عليهم وهي قادرة على ذلك بفرض العقوبات وغيرها، فان ذلك يتعارض مع مصالحها ويؤدي الى وقف صفقات التسلح، كما انها لا يمكنها الدعوة الى استمرار الحرب لانه سيفضح أمرها ويثير ضجة عالمية عليها، لذلك فانها تلتزم الصمت ازاء ما يجري.

ولكن في الخفاء فان الولايات المتحدة هي الداعم الرئيسي للسعودية والامارات في عدوانهما على اليمن، ولولا واشنطن لما استطاعت السعودية والامارات مواصلة العدوان الى هذا اليوم، فالشركات الاميركية تقدم كافة أنواع الأسلحة والذخائر للسعودية والامارات بما في ذلك تزويدهما اليومي بقاعدة البيانات، ولعل الفضيحة التي كشفت عنها وسائل الاعلام الاميركية قبل عامين دليل واضح على المشاركة الأميركية في هذا العدوان، فقد نشرت وسائل الاعلام هذه تقريرا حول تزويد القواعد الاميركية في المنطقة طائرات العدوان السعودي الاماراتي بالوقود.

الى جانب ذلك، فان القوات الاميركية في المنطقة تشارك في الحصار الجوي والبحري الذي يفرضه العدوان على اليمن، وطالما تسربت تقارير حول وجود سفن حربية أميركية قبالة الشواطئ اليمنية وخاصة الشواطئ التي تسيطر عليها حكومة الانقاذ اليمنية، لذلك فانها تشارك في الحصار البحري على اليمن، فيا ترى أن واشنطن تفعل ذلك مجانا ولسواد عيون السعوديين والاماراتيين، أم أن هناك اتفاقيات بين الطرفين بهذا الشأن، تحصل واشنطن من خلالها مليارات الدولارات.

الغريب في هذا الموضوع هو موقف ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي ونائب القائد العام للقوات المسلحة الاماراتية محمد بن زايد من هذا الموضوع، ألا يسألان نفسيهما عن السبب الحقيقي وراء الصمت الذي تلوذ به واشنطن تجاه عدوانهما على اليمن في الوقت الذي تقدم فيه أنواع الدعم لهما في هذا العدوان؟

هل من المعقول أنهما لايعرفان أن واشنطن لا تقف الى جانبهما في هذا العدوان ليس من أجل سواد عيونهما وانما من أجل شفط ثروات السعوديين والاماراتيين؟ من هنا فمن حق صنعاء تهديد مصالح حليفتي اميركا واستهدافها بأي شكل من الاشكال، لأن الولايات المتحدة شريك اساسي في العدوان السعودي الاماراتي، ولولاها لما استمرت الرياض وأبوظبي في غيهما كل هذه السنوات.

*صالح القزويني

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى