عربي

هل أصبحت البحرين “مركز ثقل” بعد فرض إرادتها على لبنان؟

في عام 2018 نشر مستشار ولي عهد ابوظبي، عبد الخالق عبد الله،  كتابا تحت عنوان “لحظة الخليج {الفارسي} في التاريخ العربي المعاصر”، تنبأ فيه ان تصبح دول مجلس التعاون الست؛ مركز الثقل العربي الجديد، اي ان هذه الدول ستكون بمثابة القاطرة التي ستجر مصر والعراق وسوريا والجزائر ولبنان واليمن وتونس وغيرها من الدول العربية في المستقبل.

العالم – يقال ان

الكثيرون رأوا ان هذا التنبأ لن يتحقق وهو اقرب ما يكون للحلم، نظرا الى إفتقار أغلب هذه الدول الى مقومات القيادة، وطبيعة الانظمة السياسية فيها، فهي قبلية واسرية تعيش خارج نطاق التاريخ، وتحرم شعوبها من ابسط الحقوق، التي تتمتع بها شعوب العالم.

وهناك من رأى ان ما تنبأ به عبدالخالق عبدالله تحقق بالفعل ، حيث باتت أغلب الملفات العربية ، بل والاقليمية، تدار من هناك، ولن تجد اي تأثير لدول مثل مصر وسوريا والعراق ولبنان و..، في هذه الملفات، بل ان القاهرة وبغداد ودمشق وبيروت و.. ، باتت ملفات على طاولة الدول الخليجية.

يمكن القول، ان ما ذهب اليه الفريقان صحيح نسبيا، الا ان الظروف التي ادت الى تهميش مصر والعرق وسوريا ولبنان و..، وكذلك الظروف التي حولت السعودية والامارات والبحرين و..، الى مركز ثقل عربي، لم تكن ظروفا طبيعية، بل هي ظروف صنعتها امريكا والغرب وبمساعدة الكيان الاسرائيلي، فلولا التدخل السافر لامريكا في شؤون دول المنطقة، والذي توج بغزو العراق، واشعال الفتن في سوريا، وقبلها غزو “اسرائيل” للبنان، وشن اكثر من عدوان عليه، واحتلال ارضه لاكثر من عقدين، وشن الحرب على اليمن، وفرض حصارات وعقوبات متعددة على شعوب هذه الدول، واخيرا الغزو التكفيري الوهابي لهذه لشعوب، لما كان لدول مثل السعودية والامارات والبحرين ان تجد لها مكانا في التاريخ.

اما على الجانب الاخر، فالظروف التي تحولت في ظلها دول مثل السعودية والامارت والبحرين، الى مركز ثقل عربي!! كانت مصطنعة ايضا، حيث استغلت امريكا ثروات هذه الدول في تمزيق الدول العربية التي كانت تتصدر المشهد العربي، ومن خلال ربطها بالكيان الاسرائيلي عبر التطبيع والتنسيق الامني والاقتصادي والسياسي ، اصبحت دول مثل مصر والعرق وسوريا ولبنان واليمن والجزائرو..، بحكم العدو لـ”اسرائيل” والسعودية والامارات والبحرين نظرا لهذه العلاقة الوثيقة. حتى مصر التي ترتبط بعلاقات مع “اسرائيل” لم تسلم من عدوان هذه الدول ، نظرا للرفض الشعبي المصري للكيان الاسرائيلي والتطبيع معه، لذلك نرى مصر مستهدفه كوجود من قبل التحالف الخليجي الاسرائيلي، فالنيل مستهدف بسد النهضة الاثيوبي، وقناة السويس، بانبوب النفط الاماراتي الذي يصل الى عسقلان ومن ثم لاوروبا.

افضل مثال يمكن التوقف امامه قليلا، لنكشف ما حل بالوضع العربي بسبب التدخل الامريكي الاسرائيلي المباشر في الشان العربي، هو المثال اللبناني، فبعد استقالة وزير الاعلام اللبناني جورج قرداحي بضغط سعودي، بسبب تصريحات قالها عن اليمن قبل توزيره، وقبلها ضغط السعودية على لبنان من اجل اقالة وزير الخارجية السابق شربل وهبة، اما قصة احتجاز رئيس وزرء لبنان سعد الحريري في الرياض واهانته وضربه واجباره على تقديم استقالته، فهي قصة باتت معروفه ، ولكن قبل ايام عقد اعضاء من جمعية الوفاق البحرينية المعارضة مؤتمرا في بيروت، استعرضوا فيه ما يتعرض له الشعب البحريني من انتهاكات فظيعة على يد النظم الخليفي ، الا ان وزير الداخلية اللبناني بسام مولوي، وبضغط من نظام ال خليفة، امر بترحيل اعضاء جمعة الوفاق من لبنان!!.

لسنا في وارد الدفاع عن لبنان، ولكن لو لم يتعرض لبنان لحصار وعقوبات امريكية ظالمة، ولو لم تتدخل السفارة الامريكية في كل واردة وشاردة في هذا البلد، ولو لم يستهدف من الكيان الاسرائيلي، ولو لم يؤلب المحور الامريكي الشعب اللبناني على بعضه البعض، عبر شراء ذمم اصحاب النفوس الرخيصة بالمال الخليجي، ولو لم تشن حروب نفسية واقتصادية، من اجل الضغط على الشعب اللبناني، لإحتضانه المقاومة الاسلامية المتمثلة بحزب الله، لما كان لبنان مضطرا ان يقبل مثل هذه الاهانة من النظام البحريني، ويأمر بترحيل المعارضين البحرينيين.

هذا هو مركز الثقل العربي الذي تحدث عنه الاماراتي عبد الخالق عبدلله، هو مركز لتجويع الشعوب العربية من اجل تطويعها، بالتوطؤ مع امريكا و”اسرائيل”، وادخالها في حظيرة التطبيع ، فهذا الثقل الشاذ، الذي يتم استغلال ثرواته من قبل الثنائي الامريكي الاسرائيلي، ضد الشعوب العربية، لم ولن يستمر طويلا، فالمال بيد الانظمة المتخلفة والقمعية، ما كان يوما يصنع قيادة و ثقلا سياسيا، رغم قوته التدميرية، بل الشعوب الحرة والانظمة المستقلة ، والمقاومة الرافضة للتبعية والذلة، هي التي تصنع الثقل الحقيقي، وهي التي ترسم المستقبل.

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى