عربي

خبير استراتيجي: لبنان سيتجه للهدوء مع انتخاب “مصطفى أديب”

قال الخبير في الشؤون الاقليمية “سعد الله زارعي” ان ما كان مؤثراً في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة هو بالأساس “الاتفاق الداخلي” ويمكننا تسمية حكومة مصطفى أديب، مثل بعض الحكومات السابقة، بـ “حكومة الوحدة الوطنية”، وهذا يمكن أن يؤدي إلى احلال الهدوء في لبنان بعد نحو عام من الوضع شبه الحرج.

– الأخبار الشرق الأوسط –

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء ان الخبير في الشؤون الاقليمية “سعد الله زارعي” كتب في مقال جديد له حول تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة ان انتخاب رئيس وزراء جديد في لبنان جاء في وقت أقرب بكثير مما كان متوقعا، حيث عيّن الرئيس اللبناني مصطفى أديب لتشكيل حكومة يوم الاثنين الماضي، ومهد البرلمان اللبناني الطريق لتشكيل حكومة جديدة بموافقة 90 صوتا.

وأضاف زارعي انه يمكننا أن نرى من تصريحات المسؤولين الفرنسيين والأمريكيين والسعوديين، عدم رضاهم الشديد عن العملية القانونية ونتائجها، ويمكننا أيضًا أن نرى جهودهم المكثفة للقيام بانقلاب سياسي وإحداث تغيير شامل. وبناءً عليه استدعى السعوديون منذ حوالي ثلاث سنوات في 5 نوفمبر عام 2017 رئيس الوزراء آنذاك سعد الدين الحريري إلى الرياض وسلموه كتاب استقالته من منصب رئيس الوزراء. وبعد ذلك بوقت قصير، واصل العمل كرئيس للدولة تحت ضغط المسؤولين اللبنانيين.

وتابع بالقول انه وفي هذه الاثناء كتب خافيير سولانا، وهو شخصية معروفة في الاتحاد الأوروبي، على موقع معهد بروكينغز: “ان الوضع المثالي في لبنان لا يمكن تحقيقه من خلال نظام الحصص. حيث يأخذ النظام الحصص المجتمع في حلقة مفرغة ويأخذها مباشرة في الاتجاه الذي نريد تجنبه” ثم نصح الغرب بالوقوف إلى جانب المحتجين اللبنانيين، وهم أقلية سعت إلى تفكيك الهياكل الحكومية في الأشهر الأخيرة، و دعم مطالبهم بقوة.

وأضاف الخبير في الشؤون الاقليمية ان هذا المسار واضح أيضًا في تصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حيث زعم يوم أمس بعد تشكيل حكومة «الوحدة الوطنية» في لبنان، أنه لا يعرف من عُيّن لتشكيل الحكومة في لبنان من خلال «المشاورات النيابية الإلزامية»! وتابع أن إيصال الأموال التي تم جمعها في مؤتمر سيدر في لبنان يخضع للإصلاح، مضيفاً انه لن يتسامح مع هذه الطبقة السياسية في لبنان”.

وتابع بالقول إن الحكومة اللبنانية الجديدة، وإن لم تكن مستبعدة بالكامل من التأثير الخارجي من حيث انتماء المجموعات السياسية إلى كتل السلطة في المجالين الدولي والإقليمي، لكن في الواقع ما كان مؤثراً في تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة هو بالأساس “الاتفاق الداخلي” ويمكننا تسمية حكومة مصطفى أديب، مثل بعض الحكومات السابقة، بـ “حكومة الوحدة الوطنية”، وهذا يمكن أن يؤدي إلى احلال الهدوء في لبنان بعد نحو عام من الوضع شبه الحرج.وهناك الكثير مما يمكن قوله في هذا الصدد، منها:

1- بالتوازي مع الجهود المكثفة التي يبذلها الغربيون وبعض الدول العربية وبعض الأطراف اللبنانية التابعة لهم لـ “تغيير البنى الأساسية” للبنان وانهيار النظام السياسي المتمخض عن دستور عام 1960 واتفاق الطائف عام 1990، سعت حركة المقاومة اللبنانية والأحزاب الداعمة لها بجدية إلى الحفاظ على الهيكل السياسي و “العملية القانونية” في لبنان. وعندما استقال سعد الدين الحريري في 29 اكتوبر من العام الماضي وانضم إلى المتظاهرين في الساحات، كانت التيارات التابعة للمثلث الأمريكي الفرنسي السعودي تتجه نحو حكومة محايدة ، أي حكومة خارج الإطار وبدون اعتبار للأقوام العرقية.

مبيناً انه في الوقت نفسه، كان تيار 8 آذار (مارس) يتحرك لايجاد بديل للحريري وتمكن من جلب حسان دياب إلى منصب رئيس الوزراء بعد 53 يومًا. ومع استقالة دياب في 9 آب / أغسطس، تحدثت الحركة مرة أخرى عن ضرورة تشكيل حكومة محايدة الامر الذي دعمه المثلث الأمريكي والفرنسي والسعودي، لكن عمليًا لم يحدث هذا وتم تعيين مصطفى أديب لتشكيل حكومة في إطار المشاورات بين الأطراف اللبنانية.

2. حزب الله اللبناني، الذي عارض أيضًا استقالة الحريري في اغسطس من العام الماضي، كان لديه بعض التحفظات على عودة الحريري إلى منصب رئاسة الوزراء بعد استقالة دياب، كما ان الرئيس ميشيل عون لم يوافق على عودة الحريري، وأخيراً كان القرار في حركة 8 آذار تقديم شخصاً مرشحاً من قبل تيار المستقبل بدلا من الحريري من أجل الحصول على دعم السنة، وعندما أدرك تيار 14 آذار أنه من المستحيل عمليًا وخارج القانون تشكيل حكومة محايدة، وافق على ترشيح أديب، لكن لا بد من القول إن السيد حسن نصرالله أدار المشهد السياسي اللبناني على نحو يخرج شخصية مثل أديب، وكان حزب الله قد قال في اجتماعات مختلفة إن لديه ثلاثة خطوط حمراء – وبعبارة أخرى ثلاثة لا وهي 1. انتخابات نيابية مبكرة، 2. تشكيل حكومة محايدة، 3- وأي شخص رشحته السفارة الأمريكية.

وأضاف زارعي ان ما حدث عملياً كان منسجماً مع الخطوط الحمراء الثلاثة لحزب الله، وبالطبع حزب الله تصرف بذكاء بحيث كانت خطوطه الحمراء تتماشى مع مصالح لبنان ومصالح الأحزاب الأخرى. وفي غضون ذلك ، فإن انتخاب مصطفى أديب بـ 90 صوتًا من أصل 128 مقعدًا في البرلمان يعني أن الفصيل الماروني المعارض لعون والفصيل اللبناني الموالي لسمير جعجع وبعض المستقلين هم فقط من تجنبوا منح الثقة لرئيس الوزراء الجديد. وهذا يدل على أن مصطفى أديب، وهو شخصية اقتصادية وأكاديمية وله قوة كبيرة في الساحة الدبلوماسية، لديه مسار أكثر سلاسة من حسان دياب. ولديه الآن قدر كبير من الثقة في 8 آذار وبشخص السيد حسن نصر الله والرئيس ميشيل عون، ويملك أنصار جادون في حركة 14 آذار، وستشكل المعارضة أقلية صغيرة على عكس ما رأيناه خلال فترة رئاسة حسان دياب والتي دامت 9 اشهر.

3- ان انتخاب مصطفى أديب يعني هزيمة “المتظاهرين في الساحات”. حيث تم تجاهل معادلة استخدام الساحات لتحقيق تغيير شامل، كما هو مذكور في مقالة Javier Solana، لأن هذا الأسلوب لم يعد يحظى بدعم أهل السنة، في حين أن القوى التي شكلت الميدان كانت من مجموعتي المستقبل والقوات اللبنانية. وعليه يتم استبعاد قضية اللجوء إلى الميدان لتحقيق التغيير، وبناءً على ذلك يمكن القول أن القصة التي صممت لتحدي المقاومة تنتهي بعد عشرة أشهر بالاعتراف بقوة المقاومة. كما قال ماكرون أمس: “البرلمان ينتخب من قبل الشعب ولا يمكننا أن نقول إنه على الطبقة السياسية بأكملها أن تتغير. واضاف “هناك انتخابات برلمانية وهناك اشخاص يخلقون واقعا سياسيا جديدا اذا توفرت الارادة”. وهذا انتصار سياسي كبير للشعب اللبناني وخاصة المقاومة.

4- بالطبع لبنان اليوم يعاني من مشاكل اقتصادية عميقة، والانخفاض الحاد في قيمة العملة الوطنية والارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية يشير إلى الوضع الاقتصادي السيئ في لبنان. وبحسب أحد التقارير، فقد ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنحو 109٪ بين أكتوبر 2019 ويوليو 2020، أي خلال 10 أشهر فقط وعليه، فعلى الرغم من أن أديب يواجه أرضية مسطحة إلى حد ما على المستوى السياسي، إلا أنه يقود وضعًا صعبًا على المستوى الاقتصادي. ويتوقع أنه بسبب الفهم السياسي القائم للأحزاب اللبنانية، سيكون من الممكن جذب الاستثمار والمنح المالية وتلقي المساعدات الخارجية.

/انتهى/

المصدر : وكالة تسنيم للأنباء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى