مقالات

‘طفرة’ تضع الإقتصاد الإيراني في جادّة الصواب!

وسط ظروف استثنائية يعيشها العالم وضغوط تعاني منها أكبر الاقتصادات العالمية جراء جائحة كورونا أطلق قائد الثورة الإسلامية في إيران آية الله السيد علي الخامنئي عنوان “الطفرة في الإنتاج” على العام الإيراني الجديد وذلك في إطار منهج “الاقتصاد المقاوم” الذي تتبناه الجمهورية الإسلامية منذ عدّة سنوات، مؤكداً سماحته أنه مع تحرك عجلة الإنتاج ستنتهي المشاكل الاقتصادية، وستنتهي آثار إجراءات الحظر الأمريكي الظالم لصالح إيران.

العالم – مقالات
المتابع لخطابات قائد الثورة الإسلامية آية الله خامنئي خلال السنوات الماضية يرى جلياً أن الاقتصاد المقاوم يشكل حيزاً بارزاً منها، فالقائد يؤمن بأن الاقتصاد المقاوم هو المنهج الوحيد القادر على تلبية تطلعات الشعب الإيراني وطموحاته في بلوغ التقدم وتحقيق الرفاه الاجتماعي ومواجهة الآثار المخربة الناجمة عن الاعتماد على الأساليب القديمة وغير المثمرة في التعاطي مع هذا القطاع على الصعيدين الداخلي والخارجي على حد سواء.
في هذا السياق يمكن القول بأن استراتيجية “الإدارة الجهادية” هي العنوان الآخر الذي يمكن استلهامه من خطابات قائد الثورة الإسلامية في إيران؛ فهذه الاستراتيجية تعتبر الداعم الأساسي للاسراع في تحقيق أهداف الاقتصاد المقاوم لأن البيروقراطية الإدارية التي كانت معتمدة في السابق لم تعد قادرة على تلبية متطلبات المرحلة وتحقيق ما هو مطلوب في المستقبل. كما أثبتت الإدارة الجهادية جدارتها في العديد من المواقف والحوادث التي مرت بها إيران خلال السنوات الماضية وهي تظهر اليوم نماذج فريدة أمام العالم في مكافحة جائحة كورونا؛ ففي الوقت الذي تفرض فيه الإدارة الأمريكية حظراً جائراً على المستلزمات الطبية والصحية تتعامل إيران بكفاءة وروح إنسانية عالية مع هذا الوباء مقارنة مع الدول الأخرى، وذلك بفضل الإدارة الجهادية التي تتمتع بها الكوادر الطبية والقوات الرديفة لها من فرق ومجاميع تطوعية لطلبة الجامعات ومختلف شرائح المجتمع الإيراني وصنوفه.
في الشق الاقتصادي تتطلب الإدارة الجهادية أيضاً توفر عدّة عوامل لنجاحها وفي مقدمتها ضرورة اعتماد المنطق في التعامل مع التطورات الاقتصادية والاستفادة من تجارب الماضي والاعتماد على القدرات والطاقات الشبابية في هذا المجال، والتحلي بالايمان والايثار وتحمل المسؤولية باعتبارها خيارات استراتيجية لابدّ من الأخذ بها بجدية لتحقيق الأهداف المطلوبة وفي مقدمتها التنمية الشاملة واقرار العدالة الاجتماعية.
المتابع للشأن الإيراني يدرك جيداً أن النظام الاقتصادي في إيران يختلف عن النظامين الرأسمالي الغربي والاشتراكي الشرقي ، فالطفرة في الإنتاج التي أطلقها قائد الثورة الإسلامية تحتم ضرورة أن تلبي التغييرات المطلوب إدخالها على هذا النظام كافّة الاحتياجات الاقتصادية للبلاد.
قائد الثورة الإسلامية يؤمن بأن إيران من الدول التي تتميز بثروات طبيعية كبيرة نظراً لسعتها الجغرافية من جانب، وتعدد فصولها المناخية من جانب آخر، وهو ما يؤهلها لأن تكون قادرة على إنتاج ما تحتاجه في شتى المجالات الزراعية والصناعية وغيرها من الميادين الاقتصادية.
كما يجدر الإشارة إلى أن إيران لا تعاني من زيادة غير محمودة في عدد السكان وهذا ما يجعلها قادرة أيضاً على التحكم بمستويات النمو السكاني ويؤهلها كذلك لوضع خطط استراتيجية تتناسب مع متطلباتها الاقتصادية والتنموية بما يضمن لها وضعاً مستقراً شريطة أن تتم الاستفادة من الطاقات البشرية والثروات الطبيعية المتوفرة لديها بشكل جيد، خصوصاً في أوقات الأزمات كالحظر المفروض عليها على خلفية الخروج الأمريكي غير القانوني من الاتفاق النووي بين إيران والمجموعة السداسية الدولية.
إيران تمتلك الكثير من المعادن ومصادر الطاقة لاسيّما النفط والغاز وهو ما يساعدها كثيراً في مواجهة ظروف الحظر وإحداث طفرة نوعية في الإنتاج طبقاً لما أوصى به قائد الثورة الإسلامية، إلى جانب اعتمادها على برامج ستراتيجية تضمن لها تحقيق الاكتفاء الذاتي في العديد من المجالات.
قائد الثورة الإسلامية كان قد أكد وفي أكثر من مناسبة أن “الحظر شكّل فرصة ثمينة لإيران وبإمكانه أن يكون فرصة في المستقبل أيضاً تدفعنا للاعتماد على أنفسنا من الناحية الاقتصادية”، مؤكداً أن “عُمدة مشاكلنا الاقتصاديّة سببها الاعتماد على النفط الذي أدّى إلى قلة الإهتمام بالطاقات والقوى المحلية من أجل تطوير البلاد، وستكون حينها فرصة العمر إذا تمكنّا من القيام بهذا الأمر. ساسة أمريكا ملتفتون لهذه النقطة وقد قرأت في تقرير أنّهم أوصوا بضرورة عدم السماح لإيران بتجربة الاقتصاد المنعزل عن النفط، والتخطيط لمسار يقود إلى عدم انقطاع اعتمادها مطلقاً عن النفط، لأنّها ستلجأ لتبني الاقتصاد غير النفطي”.
بطبيعة الحال المرحلة تفرض أهمية توظيف كل ما تملكه إيران لتطوير وضعها الاقتصادي لتحقيق عدّة أهداف بينها القضاء على البطالة ودعم القطّاع الخاص ورفع مستوى الإنتاج وتطوير قطّاع الصادرات والارتقاء بالقدرة الشرائية لكافّة شرائح المجتمع وتقليص الفوارق الطبقية إلى الحدّ الأدنى، وهذا يتطلب في الوقت نفسه انتهاج طرق حديثة جداً لتحقيق التقدم في شتى مفاصل الحياة الاقتصادية والخدمية والمعيشية وذلك من خلال الاعتماد على الكوادر العلمية والمتخصصة، والاهتمام بصورة أكبر بالقطّاع المالي والمصرفي الذي يمثل حلقة الوصل بين كافّة الجوانب الاقتصادية والتجارية على المستويين المحلي والخارجي.
*محمد جواد أرويلي

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى