مقالات

لماذا يتعين على العراقيين دفع فاتورة بقاء ترامب في البيت الأبيض؟

كثر الحديث خلال الأيام الماضية حول عزم الادارة الأميركية على توجيه ضربات لفصائل عسكرية عراقية تنتمي الى هيئة الحشد الشعبي العراقي، وفي نفس الوقت كثر الحديث حول الاسباب الحقيقية وراء التحركات العسكرية الاميركية في العراق.

المتخصصون في الشؤون العسكرية، اكدوا أن التحركات العسكرية الاميركية وخاصة التموضعات الأخيرة ونقل القوات الأميركية من معسكر الى آخر وتحصين القواعد ببطاريات مضادة للصواريخ انما لتنفيذ عمليات عسكرية في العراق.

البعض اعتبر أن التحركات الاميركية تأتي في اطار عزم القوات الأميركية على الرد على قصف السفارة والقواعد الاميركية بالصواريخ والقذائف، بينما ذهب البعض الى أن الهدف منها هو القيام بانقلاب عسكري في العراق فيما لو فشل رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي بتمرير حكومته في البرلمان.

عدة أمور تجعل المراقب السياسي يستبعد قيام الادارة الأميركية بتنفيذ عمليات عسكرية في العراق، ولكن الى جانب هذه الأمور هناك أمر واحد تجعله يتوقع تنفيذ هذه العمليات والتصعيد العسكري في العراق.

الأمور التي تجعل التصعيد العسكري مستبعدا…

أولا: ان سياسة الرئيس الأميركي دونالد ترامب ترتكز على أساس حسر النفقات، فمنذ أن تولى السلطة ومعركته الاساسية خاصة مع الخارج تدور في اطار رفضه للأموال التي تنفقها الولايات المتحدة في الخارج، فهذا هو السبب الرئيسي وراء مشاكله مع الاتحاد الأوروبي والناتو واتفاقية المناخ والمكسيك والصين واتفاقية نفتا واغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية، وطالما اعترض ترامب على الخسائر المالية التي تتكبدها بلاده جراء هذه القضايا وقضايا أخرى، فضلا عن ابتزازه لحلفاء الولايات المتحدة بضرورة دفع مبالغ لحمايتهم.

مع وجود سياسة حسر النفقات، فهل من المعقول أن يقرر ترامب القيام بعمليات عسكرية تكلف الولايات المتحدة نفقات كبيرة ومنهكة، خاصة وأنه لا يعلم ماذا ستكون عواقب وتبعات هذه العمليات، وهل ستنتهي بتوجيه الضربات أم أن الرد على هذه الضربات سيطال حتى القوات الاميركية خارج العراق، كما أعلنت بعض الفصائل العراقية المسلحة؟

ثانيا: أن ترامب منهك حاليا بجائحة كورونا ولا يدري كيف يمكنه ترقيع هذا الفتق، خاصة وأنه كان قد قلل في البداية من أهميته، بينما تبدو الأمور أن الفايروس يهدد الولايات المتحدة كما هدد سائر الدول مع الأخذ بنظر الاعتبار بتصاعد أعداد الوفيات والاصابات، وليس من المتوقع أن ينجح ترامب في محاصرة الفايروس وتبعاته على المدى القريب والمتوسط، خاصة وأن المعارضة تسعى الى اقناع الرأي العام الاميركي بفشل رئيسه في محاصرة الفايروس والقضاء عليه، ومع وجود هذه المشكلة فهل من المعقول أن يخلق ترامب لنفسه مشكلة أخرى، بقيامه بحرب في العراق؟

ثالثا: أن أي تحرك عسكري أميركي في العراق وخاصة تنفيذ عمليات عسكرية واسعة ضد فصائل المقاومة العراقية محفوف بالمخاطر، وقد لا يؤدي الى خروج القوات الاميركية من العراق وحسب بل الى اغلاق السفارة الأميركية وقطع العلاقات العراقية-الاميركية، وبالتالي نهاية المصالح الاميركية في العراق، لأن الادارة الاميركية مهما فعلت فانها لن تتمكن من القضاء على المقاومة العراقية، والتصعيد ضدها ربما ينتهي الى بلورة وضع جديد في العراق تتصدر فيه المقاومة المشهد السياسي، آنذاك ستقرر المقاومة قطع العلاقات مع الولايات المتحدة الأميركية.

الى جانب هذه الاسباب واسباب أخرى تجعل المراقب السياسي يستبعد قيام ترامب بتنفيذ عمليات عسكرية في العراق أو في غيره؛ هناك سبب وحيد يرجح كفة قيام ترامب بهذه المجازفة متخطيا كل أسباب وتبعات مخاطر التصعيد العسكري.

السبب هو البقاء في البيت الأبيض لدورة ثانية،وهذا ما دأب عليه سلفه بوش الأب وبوش الابن وكلينتون وأوباما، فجميعهم ولكي يقنعوا الرأي العام الاميركي بأنهم هم منقذوا ومخلصوا هذا الشعب من مشاكله فانهم يلجأوون الى وسائل في غاية الدناءة والخسة من أجل البقاء في البيت الأبيض لدورة ثانية.

اليوم بقاء ترامب في البيت الأبيض لدورة ثانية على المحك، وكل التوقعات تشير الى رحيله، وبما أننا على مقربة من موعد الانتخابات الاميركية فليس من المستبعد أن يلجأ ترامب لهذا الأسلوب الدنيء، فمن خلال قتل أبناء العراق البررة يسعى الى اقناع الاميركيين بأنه فتى أحلامهم، ويحثهم على التصويت له في الانتخابات، ولكن يا ترى هل من العدل أن يدفع العراقيون فاتورة بقاء ترامب في البيت الأبيض؟

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى