عالمي

هل ستكون حرب أفغانستان آخر حروب أمريكا؟

“أقول لكم من صميم قلبي، أنا مقتنع بأنّه القرار الصحيح، القرار الحكيم، والقرار الأفضل للولايات المتحدة.. لقد كنّا أمّة في حالة حرب لفترة طويلة.. إما أن نمضي قدماً في الالتزام الذي تعهّدت به الإدارة السابقة ونغادر أفغانستان، أو نقول إنّنا لن نغادر ونرسل عشرات آلاف الجنود إلى الحرب.. كان الخيار بين المغادرة أو التصعيد. لم أكن مستعدّاً لإطالة أمد هذه الحرب إلى ما لا نهاية وأمد الخروج إلى ما لا نهاية”، هذه كانت بعض جوانب خطاب الرئيس الامركي جو بايدن الى الشعب الامريكي، غداة الانسحاب الأميركي من أفغانستان.

العالم – كشكول

كان واضحا، ان خطاب بايدن اشبه بمحاولة حجب الشمس بغربال، فالعالم اجمع كان شاهدا على الطريقة المُذلة والفضائحية التي انسحبت منها القوات الامريكية من افغانستان، والتي كانت أقرب الى الهروب منها الى الانسحاب، فالفوضى العارمة التي اتسمت بها عمليات الإجلاء، والتفجير الانتحاري الذي وقع قرب مطار كابول وأسفر عن مقتل أكثر من 170 شخصا بينهم 13 عسكريا أميركيا وتبناه “داعش- ولاية خراسان”، مزقت وبشكل كامل الصورة التي حاولت امريكا رسمها لنفسها على انها “القوة الاعظم” في العالم.

لم يجد بايدن ما يقوله للشعب الامريكي، بعد عشرين عاما من احتلال افغانستان ومقتل أكثر من 2400 عسكري أميركي وجرح عدة آلاف آخرين، وإنفاق ما يقدر بنحو 2,3 تريليون دولار، في مسعى للانتصار على طالبان، الذين عادوا الى السلطة مرة اخرى، سوى “الاشادة بالنجاح الاستثنائي” في طريقة الهروب من افغانستان، حيث قال ما نصه:” لقد أنجزنا واحداً من أكبر الجسور الجوية في التاريخ.. لم تنجز أي دولة شيئاً مثله قط، فقط الولايات المتحدة لديها الإمكانية والإرادة والقدرة على القيام بذلك.. النجاح الاستثنائي لهذه المهمة يرجع إلى الموهبة المذهلة والشجاعة ونكران الذات التي يتمتّع بها جيشنا ودبلوماسيونا واستخباراتنا”!.

ما لم يقله بايدن قالته الصور والافلام، فعندما يتساقط المواطنون الافغان من الطائرات الامريكية الهاربة، وعندما يتجاهل الطيار الامريكي وجود عشرات المواطنين الافغان من الذين تشبثوا بطائرته وهي تقلع من مطار كابول، وعندما يخرج آخر جندي امريكي في جنح الظلام وهو لا يصدق انه سيتحرر من جحيم افغانستان، وعندما تقوم امريكا بإجلاء 120 الفا من الامريكيين وحلفائهم والمتعاونين معهم من الافغان في أسبوعين فقط، فكل ذلك يؤكد ان امريكا تعرضت الى هزيمة مذلة.

بات في حكم المؤكد ان الشعوب لم تعد تنظر الى امريكا بأنها “قدر”، وانها “تعرف كل شيء”، وانه “لا ِقبل لاي قوة في مواجهة قوتها العسكرية”، وانها “اذ ارادت شيئا ستحققه مهما كان”. والمؤكد اكثر، هو ان الشعب الامريكي نفسه بات على علم بهذه الحقائق ومقتنع بها، لذلك فقد اهتمامه بالحروب، التي لم تعد فيها امريكا صاحبة القرار الاول والاخير ، لذا يرى العديد من المراقبين ان حرب افغانستان، هي آخر حروب امريكا.

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى