عربي

تحديات الحكومة العراقية؛ من القضايا المتجذرة وصولاً إلى الجديدة

تشمل التحديات التي تواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد قسمين، القضايا المتجذرة والتي وجدت على مدى العقدين الماضيين ولم يتم حلها، والقضايا التي نشأت على مر السنين الماضية والتي تتطلب اتخاذ تدابير فورية وعاجلة.

– الأخبار الشرق الأوسط –

وأفادت وكالة تسنيم الدولية للأنباء ان البرلمان العراقي صوت على منح الثقة لحكومة مصطفى الكاظمي يوم الخميس 7 ايار، مما أخرج البلاد أخيراً من الضياع الاستراتيجي والذي دام 5 أشهر، حيث تم وضع قطار الأمور على المسار الصحيح.

نجح الكاظمي في تشكيل حكومة جديدة عقب فشل قصي سهيل، وتوفيق علاوي وعدنان الزرفي. وحل الان محل عادل عبد المهدي رئيس الوزراء المستقيل وتقلد زمام الأمور من أجل تحسين الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العراق.

وقال الكاظمي في خطابه الأول بعد التصويت على منح الثقة في البرلمان: “إن حكومتي هي حكومة الحل، وليست حكومة أزمات، وسأعمل على توفير مقدمة  لاجراء انتخابات مبكرة و سليمة”.

ومع ذلك، فإن التحدي الذي يواجه مصطفى الكاظمي لا يقتصر على إجراء انتخابات مبكرة، حيث سيكون أمام الكاظمي طريقا صعبا، كما انه سيواجه العديد من التحديات خلال فترة رئاسته للوزراء، والتي من المرجح أن تدوم حوالي العام ونصف، وسنشير في هذا التقرير الى بعض منها:

التحديات الاقتصادية

يواجه العراق في العام الجديد تحديين رئيسيين: الأول هو تفشي فيروس كورونا وتكاليف التعامل معه ومواجهته، والثاني هو الانخفاض غير المسبوق في أسعار النفط إلى ما دون 20 دولاراً للبرميل.

وبينما تتكفل الحكومة العراقية بدفع مئات الملايين من الدولارات كتكلفة مكافحة كورونا والحجر الصحي العام وتأمين معاشات الذين توقفوا عن العمل، فإن انخفاض أسعار النفط، الذي يمثل أكثر من 95 في المائة من عائدات الحكومة، وجه ضربة أخرى للاقتصاد العراقي.

وفي عام 2020 ، أغلقت بغداد ميزانيتها المقترحة بناءً على النفط بقيمة 50 دولارًا للبرميل، ولكن مع انتشار كورونا والانكماش الاقتصادي، كانت الحكومة راضية بتعديل أسعار النفط إلى 35 دولارًا، ولكن الآن عليها أن تدير البلاد بحد أقصى 20 دولارًا فقط للبرميل الواحد. ويضاف إلى ذلك التزام العراق بأوبك، حيث تلتزم بغداد بخفض إنتاجها النفطي بنسبة 23 في المائة.

كما أن الموافقة على ميزانية العام الجديد وتنفيذها، والتي مضى على اقرارها 5 أشهر، هي إحدى المشكلات التي تواجه الكاظمي، وبسبب الوضع الاقتصادي السيئ هذه الأيام، كانت هناك شائعات بأن رواتب الموظفين لن يتم دفعها هذا الشهر.

التحديات الاجتماعية

شهدنا على مر السنين، تراكمًا هائلاً للمطالب والتوقعات والاحتجاجات الشعبية في العراق، حيث ان معظمها متجذر في الظلم، وتجاهل وضع الناس، والتغيير السريع للمجتمع، وخاصة الشباب العراقي الاكثر جسارة مقارنة بالماضي والمقدام الذي كان مستعداً لدفع ثمن مطالبه، الامر الذي تجلى في الاحتجاجات الأخيرة التي ملأت الشوارع في أجزاء مختلفة من وسط وجنوب العراق.

ومع حلول فصل الصيف، وارتفاع درجة حرارة الطقس أكثر فأكثر ونظراً لحالة الكهرباء والماء في هذه المحافظات غير المناسبة، ستكون بداية هذه الاحتجاجات أمراً متوقعاً إذا لم يتم النظر في التدابير اللازمة لحل هذه المشاكل من اليوم. أضف إلى ذلك ظهور تنظيم داعش مجدداً، والذي يواصل عملياته التخريبية من خلال تدمير مراكز نقل الطاقة والقيام ببعض الهجمات المتفرقة هنا وهناك.

التحديات السياسية

وتشمل التحديات الداخلية والخارجية.

داخليًا، التنافس بين الأحزاب والجماعات السياسية، والذي اخذ بعدا  تدميرا في بعض الاحيان ترك تاثيرا على جميع جوانب العراق، ولن تكون مهمة رئيس الوزراء العراقي الجديد استثناءً لذلك إذا لم يعمل بشكل صحيح ولم ياخذ زمام المبادرة.

ولطالما كانت المحاصصة سمة من سمات الأحزاب السياسية خلال فترة ما بعد النظام البعثي ، والتي خلقت العديد من المشاكل لرئيس الوزراء والعراق، ومواجهة هذا النظام وهي  أحدى التحديات الأخرى التي يواجهها الكاظمي، على الرغم من انه منذ البداية، سعى الكاظمي لمنع هذا التقليد المدمر من خلال وضع شروط مسبقة لعدم تدخل الأحزاب في اختيار الوزراء.

وبالنظر لوزراء الحكومة الجديدة، وان معظمهم ليس لديهم خلفية وزارية، وهم من الوافدين الجدد، يظهر تصميم الكاظمي على تغيير الوضع.

وان العلاقات بين بغداد وأربيل هي أيضاً واحدة من هذه التحديات، على مدى العقدين الماضيين، كانت الخلافات بين أربيل وبغداد قضية رئيسية، تفاقمت في بعض الأحيان بوصول رئيس وزراء مثل المالكي وهدأت تارةً اخرى بسبب وصول شخصية مثل العبادي، ومع ذلك، أدى وجود قضايا أساسية لم يتم حلها إلى هذه الاختلافات.

وفي نهاية المطاف، يعد توفير الظروف اللازمة من اجل اجراء انتخابات مبكرة في العام المقبل أحد أهم تحديات السياسة الداخلية للكاظمي.

أما خارجياً، يمكن الاشارة إلى علاقات العراق مع الدول الإقليمية والدولية، حيث إن تنظيم علاقات بغداد مع طهران وواشنطن هو أحد أهم هذه التحديات.

في حين أن تصاعد النزاع بين الولايات المتحدة وإيران أثر على دول المنطقة، فقد بذل العراق قصارى جهده للحفاظ على استقلاله ومصالحه الوطنية، ومن ناحية، بعد سقوط النظام البعثي، دخلت الولايات المتحدة العراق كمحتل، وكانت مسؤولة عن إدارة معظم شؤون العراق لفترة طويلة، وهي الآن واحدة من الدول المؤثرة في هذا البلد.

ومن ناحية أخرى، فان ايران جارة العراق ولها أطول حدود مع هذا البلد، وهناك العديد من الروابط الثقافية والاقتصادية بين البلدين. حيث كانت إيران من أوائل الدول التي ساعدت العراق في ردع هجوم داعش العنيف على شمال ووسط البلاد.

كما أن تجارة العراق الخارجية مع إيران هي إحدى القضايا المهمة، والتي تشمل عناصر حيوية وأساسية مثل الغاز والكهرباء.

يدرك المسؤولون في بغداد إنهم قد يواجهون عقوبات عديدة في حال إبتعدوا عن الولايات المتحدة وتقربوا من جيرانهم، ومن جانب اخر يدركون انهم اذا وقفوا الى جانب الولايات المتحدة بالكامل، فقد يفقدون العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية مع إيران أي انهم في الواقع، سيلحقون الضرر بمصالحهم الوطنية. وعليه، فقد حاولوا دائمًا تنظيم العلاقات بين واشنطن وطهران بحيث لا يعانون من مشاكل صعبة، وقد بذل المسؤولون الأمريكيون، وخاصة خلال إدارة ترامب، كل جهد ممكن من أجل اخلال هذا التوازن.

وعلى الرغم من أن وزارة الخارجية الامريكية أعلنت على الفور عقب انتخاب الكاظمي، تمديد اعفاء العراق من استيراد الكهرباء من إيران، يبقى أن ننتظر ونرى ما هي آلية الضغط على الحكومة الجديدة لتغيير العلاقات مع إيران.

وإن تنفيذ قرار البرلمان العراقي بطرد القوات الأمريكية من العراق والضغط على مسؤولي واشنطن وتهديدهم في حال عدم تنفيذ القرار، هي تحديات أخرى تواجه رئيس الوزراء الجديد.

وبالنظر إلى القائمة الطويلة من التحديات التي تواجه رئيس الوزراء العراقي الجديد، يمكن ملاحظة أن مصطفى الكاظمي أمامه طريق صعب وشاق، وبدون الدعم الكامل من الأحزاب والجماعات السياسية والمرجعيات والشعب، لن يتمكن من تحقيق أهدافه. مما سيؤدي الى تعقيد الوضع في العراق أكثر من الوضع الحالي.

/انتهى/

المصدر : وكالة تسنيم للأنباء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى