عربي

الدين كوسيلة.. مظاهر التطبيع السعودي البحريني مع “إسرائيل”

لم توفر بعض الدول الخليجية جهداً في سبيل العمل على تمرير فكرة التطبيع مع “إسرائيل” حتى وصلت إلى الدين، متخذة من الحوار بين الأديان غطاءً لاستقبال رجال دين إسرائيليين، يحرضون ضد الفلسطينيين.

– الأخبار الشرق الأوسط –

*ندين عباس

تعتمد بعض الدول العربية سياسة يقولون إنها “انفتاح” في علاقاتها الدبلوماسية وفي طريقة تعاطيها مع بعض القضايا الداخلية، ولكن المتتبع لهذه السياسة يجدها بالأساس قائمة على التطبيع مع “إسرائيل” وفي مجالات مختلفة ومتعددة.

هذا “الانفتاح” كما يسمونه، لاقى شكراً وتصفيقاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي  بنيامين نتنياهو لحظة الإعلان عن “صفقة القرن” نهاية شهر كانون الثاني/يناير الفائت، فتحت السعودية والبحرين والإمارت والسودان، بشكل أساسي أذرعها للإسرائيلي، حاورته واستضافت شخصيات المحتل السياسية والأمنية، وفي خضم ذلك كله تناسوا الوجع الفلسطيني وحاولوا تغييبه.

بعد التطبيع السياسي والعسكري والاقتصادي والرياضي، حان وقت التطبيع الديني، فاحتلت السعودية هذا العام بقيادة ولي عهدها محمد بن سلمان المرتبة الأولى، حيث قام مؤخراً رجل الدين السعودي محمد العيسى، والأمين العام لرابطة العالم الإسلامي المقرب من ولي العهد بأداء “صلاة الهولوكوست” في معسكر “أوشفيتس”  ببولندا،  وقال حينها إن “العِبر التي يجب استخلاصها من الهولوكوست تنطبق على العالم بأسره ومن مسؤولية المسلمين في كافة أنحاء المعمورة أن يتعلموا هذه العبر وينضموا إلى المجتمع الدولي بالتعهد بأن الهولوكوست لن تتكرر أبداً”.

بدأت مهمة العيسى عام 2017، عندما زار في تشرين الثاني/نوفمبر ويرافقه السفير السعودي في فرنسا محمد الإنكاري، أكبر كنيس يهودي في باريس. حينها، أعلنت الصحافة الإسرائيلية الخبر، ووصفتها بـ”الزيارة التاريخية”.

في الوقت نفسه، وقّع وزير الداخلية الإسرائيلي، أرييه درعي، قراراً يسمح للإسرائيليين بزيارة السعودية لأول مرة في التاريخ لأغراض العمل والتجارة أو ما يعتبر “عبادة”، وفقاً لما نقلته صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، مشروطة بإذن مسؤول.

في المقابل، قاد جيش الاحتلال بمختلف أجهزته المدججة والمسلحة حملات الركل والرفس بحق المصلين في باحة ومقصورات المسجد الأقصى أمام كاميرات العالم، كما قصف قطاع غزة بسلاح الجو.

شهر شباط/فبراير من هذا العام حمل في طياته زيارات دينية عديدة إلى المملكة حيث قام وفد كبير من مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأميركية الكبرى بزيارة السعودية، فيما يعتقد أنها أول رحلة لمجموعة أميركية يهودية إلى المملكة منذ أوائل التسعينيات.

رئيس المؤتمر ذكر أن هذه الزيارة “المثمرة للغاية” كانت “خطوة كبيرة إلى الأمام” من حيث العلاقات بين “إسرائيل” والمملكة، على حد وصفه.

وتحت عنوان الحوار بين الأديان زار الحاخام اليهودي المقيم في القدس المحتلة ديفيد روزن الرياض حيث كان في استقباله الملك سلمان بن عبد العزيز.

ووفق روزن، وفي حديثه لصحيفة “تايمز أوف إسرائيل”، فإن “التجربة كانت حقاً مميزة، لم يكن اللقاء مع الملك فقط، الشيء الأكثر إثارة هو مقابلة الشباب وإحساسهم بالتحول الذي تمر به بلادهم”.

هذه المحاولات لم تكن مجرد مبادرات منفردة أو محاولات غير مخطط لها، فقد لوحظ نشاط مؤسساتي يعمل على خط استعمال الدين كوسيلة من أجل تكريس التطبيع مع “إسرائيل” من باب المحبة والسلام والحوار بين الأديان، وهذا ما تعمل عليه بشكل أساسي منظمة تتخذ من الرياض مقراً لها، هي رابطة العالم الإسلامي، والتي كانت السباقة في تنظيم هذه الخطوات والتأسيس لها، حيث وقعت اتفاقيات مع منظمات ثقافية دينية تقول إنها تناصر “إسرائيل” بشكل علني.

المتحف الوثائقي لتاريخ الهولوكوست المدعو من الرابطة للزيارة في ضيافتها يتعلق بوفد أمريكي مستقل ومتنوع دينياً حيث ثمنت الرابطة اهتمامه بعدد من القضايا داخل متحفه منها قضايا اللاجئين السوريين والمجازر ضد الروهينجا ولا علاقة للزيارة مطلقاً بأي اتفاقية موقعة شاملة لوفد ديني خاص زائر.

أما بوابة التطبيع البحريني فقد انفتحت بشكل علني باكراً، “متقدمة” على السعودية، فعلاقتها مع “إسرائيل” ليست وليدة “صفقة القرن” أو مخاضاتها، بل هي تسعى جاهدة للتسويق لنفسها بأنها مركز للتسامح الديني، وتلعب على مسألة وجود اليهود في البحرين.

السفيرة البحرينية في واشنطن هدى عزرا نونو، اتقنت الدور في تعبيد الطريق بين البحرين واللوبي اليهودي في واشنطن من جهة، وترتيب لقاءات بين مسؤولين بحرينيين وإسرائيليين من جهةٍ أخرى.

منذ ذلك الحين، لم تتوقَّف التصريحات البحرينيّة سراً وعلانيةً، تقرّباً من “إسرائيل”، وصولاً إلى تنظيم ورشة المنامة في العام 2019، التي شارك فيها وفد تجاريّ إسرائيليّ تمَّ استقباله بحفاوة.

وخلال الورشة اعترف وزير الخارجية خالد بن أحمد آل خليفة أن “إسرائيل وُجدت لتبقى، ولها الحق في أن تعيش داخل حدود آمنة”، مؤكداً أن بلاده ودولاً عربية أخرى تريد التطبيع معها.

لكن الزيارات الدينية سارت على نفس طريق السعودية، حيث زار الحاخام الرئيس السابق لإسرائيل وحاخام القدس المحتلة، موشيه بن عمار، البحرين، واجتمع مع الملك ورجال دين من الشرق الأوسط.

وبحسب وسائل الإعلام فإن الحاخام موشيه دعا قادة الشرق الأوسط إلى الدفع نحو السلام مع “إسرائيل”، وقال لملك البحرين إن “بركة السلام من القدس ستؤدي إلى علاقات قوية مع إسرائيل”.

مشاهد التطبيع التي استغلت الجانب الديني وبدأت محاولات النفاذ من خلاله إلى الوعي العربي، لم تجد صداها إلا في أروقة البلاط الحاكم، وبقيت محل استنكار شعبي عربي في الغالب، ومع كل الزخم والتحشيد، يبقى رجل دين عربي، مسلماً كان أم مسيحياً، بموقف مقاوم شجاع أبلغ وأكثر تأثيراً من كل المنابر والماكينات الإعلامية.

المصدر: الميادين

/انتهى/

المصدر : وكالة تسنيم للأنباء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى