عربي

آفاق الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد و تحدياته في تونس

الساعات الأخيرة قبل انطلاق الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد في تونس تبدو حاسمة وفارقة.

العالم – مقالات وتحليلات

إذ ينتظر ان يقصد أكثر من تسعة ملايين ناخب مسجل مراكز الاقتراع للتصويت ب”نعم” أو ب”لا” على مشروع دستور جديد للبلاد بينهم أكثر من ثمانية ملايين ناخب داخل تونس وقرابة 900 الف خارجها.

وتبدأ عملية الاقتراع بالخارج يوم السبت لتنتهي يوم الاثنين 25 يوليو وهو اليوم الذي يتم فيه الاقتراع بالداخل و يتزامن مع إحياء تونس لذكرى عيد الجمهورية وايضا للذكرى الأولى لاقرار الإجراءات الاستثنائية التي اتاحت للرئيس قيس سعيد إقالة الحكومة و تجميد البرلمان ثم حله نهائيا فيما بعد.

وفيما يختتم قرابة 160 مشاركا في الحملة الخاصة بالاستفتاء من أحزاب ومنظمات و أشخاص طبيعيين انشطتهم استعدادا ليوم الصمت ثم يوم الاستفتاء تتحرك المعارضة باطيافها من جديد في الشارع مع دعوات للتظاهر اطلقتها أحزاب الحملة الوطنية لإسقاط الاستفتاء التي تجمع أحزاب التيار الديمقراطي و الحزب الجمهوري وحزب التكتل وحزب العمال وحزب القطب وايضا الائتلاف المدني من أجل دولة مدنية ديمقراطية اجتماعية من جهة وجبهة الخلاص الوطني التي يقودها المحامي و السياسي المخضرم احمد نجيب الشابي وتنضوي بها عشر مكونات سياسية في مقدمتها حركة النهضة من جهة ثانية.

وتنادي اطياف المعارضة على اختلافها بضرورة مقاطعة الاستفتاء ورفض مشروع الدستور الجديد حيث تعتبره تكريسا للتمشي الاحادي للرئيس قيس سعيد و تأسيسا لدكتاتورية جديدة حسب وصفها.

دعوات تصدي لها الرئيس قيس سعيد بنفسه في مقدمة الخط المساند له في رسالة نشرها على الموقع الرسمي للرئاسة دعا فيها التونسيين للتصويت ب”نعم” لمشروع الدستور الجديد من أجل تحقيق مطالبهم ومحاربة الفساد وتخليص الدولة من سيطرة اللوبيات.

ورغم حثه الناخبين التونسيين على التوجه بكثافة إلى مراكز الاقتراع يوم الاستفتاء رفض الرئيس سعيد دعوات كثيرة لتأخير موعد الاستفتاء إلى تاريخ آخر لضمان نسب إقبال جيدة.

حيث يتوقع فاعلون سياسيون وملاحظون ان تكون نسب الاقبال محتشمة بالنظر لعوامل عدة اهمها تزامن موعد الاستفتاء مع العطلة الصيفية وخروج اعداد كبيرة من الموظفين في اجازات سنوية بالإضافة إلى حرارة الطقس المرتفعة.

و تتفاقم التحذيرات من انخفاض نسب الاقبال على مراكز الاقتراع بالنظر الي عوامل موضوعية أخرى اهمها إعراض إعداد هائلة من التونسيين عن الشأن السياسي بعد أكثر من عشر سنوات على ثورة 2011 حيث تركت البلاد في مهب ازمات اقتصادية و اجتماعية دون السعي لايجاد الحلول من قبل حكام ما بعد الثورة.

فقد تراجعت نسبة الاقبال في الاستحقاقات الانتخابية بين انتخابات 2014 و 2019 بشكل واضح إذ بلغت المشاركة في الانتخابات البرلمانية مثلا سنة 2014 نسبة 61.8% لتنخفض إلى 41.3% في 2019 معلنة تبرم التونسيين من العملية السياسية الجارية في بلدهم وانخفاض مؤشر ثقتهم في الوعود الانتخابية للسياسيين.

وفي نفس هذا السياق يقرأ المراقبون مؤشرات الاقبال على الاستفتاء فيما يحذر فاعلون في الشأن العام من وجود رغبة خفية لتمرير مشروع الدستور عمدا رغم كل هذه الظروف والاكراهات .

حيث كانت النسخة الأولى من مشروع الدستور الذي طرحه الرئيس قيس سعيد قد اقرت في آخر فصل منه بأن الدستور يدخل حيز النفاذ أثر الاستفتاء مباشرة وهو ما آثار انتقادات حادة.

ليقع تعديل ذلك في ما بعد بالاقرار بأن الدستور يصبح نافذا بعد إعلان النتائج الرسمية للاستفتاء من قبل هيئة الانتخابات.

ويرجح مراقبون ان يقع تمرير مشروع الدستور الجديد وان بنسبة ضئيلة من الأصوات.

فيما اعربت هيئة الانتخابات عن املها في أن يؤدي ارتفاع المسجلين بسجلاتها الانتخابية إلى ارتفاع نسب الاقبال.

وتواجه هيئة الانتخابات بدورها وضعا داخليا ممزقا حيث صعدت الخلافات بين عضو الهيئة سامي بن سلامة وباقي الأعضاء بما فيهم رئيسها إلى العلن.

حيث كلف مجلس الهيئة عدل تنفيذ بمعاينة تدوينات بن سلامة المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي.

وورد بمحضر المعاينة ان الهيئة تتهم بن سلامة بافشاء السر المهني ونشر اخبار زائفة والعمل خارج الهيئة وخرق واجب التحفظ من ضمن 55 تهمة وجهها مجلس هيئة الانتخابات له.

وكان سامي بن سلامة قد طالب مجلس الهيئة بالتدقيق في سجل الناخبين ونشر نتائج التدقيق بشكل عاجل ملمحا إلى وجود تواطئ للتلاعب بالسجل الانتخابي بغاية الإضرار بمسار الاستفتاء.

ويراقب قيس سعيد المعركة داخل هيئة الانتخابات بصمت رغم تلقيه طلبا من رئيسها فاروق بوعسكر باعفاء سامي بن سلامة من مهامه.

ويعزي عدم تدخل قيس سعيد بشكل حازم إلى رغبته في عدم أحداث اي تشويش إضافي على عمل الهيئة إلى حين الانتهاء من عملية الاستفتاء حماية لمسار 25 جويلية برمته.

الى ذلك يسير المشهد السياسي التونسي نحو استقطاب متعدد الاطراف نواته الأساسية الموقف من اجراءات 25 يوليو 2021 بين مساند لها ومعارض لها لتنقسم الجبهتان على نفسيهما حيث تنقسم المعارضة بين طرفين اساسيين يقود أحدهما حركة النهضة ضمن جبهة الخلاص ويتزعم الثاني التيار الديمقراطي وعدد من الأحزاب الاجتماعية ذات التمثيلية الشعبية المحدودة.

في المقابل ظهر داخل الخط المساند للرئيس قيس سعيد موقف يرفض الدستور بشكله الحالي ولا يخفي معارضته لعدد من خيارات سعيد واساسا جمعه السلطات كلها بيده و موقفه من القضاء.

ما يرجح إمكانية ان تفتح نتائج الاستفتاء المنتظر على مشهد سياسي جديد بتفاصيل مختلفة عن المرحلة الحالية.

منيرة شريفي _ تونس

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى