اقتصاد

هلع في لبنان من انقطاع المحروقات والطحين

تصاعد الهلع في لبنان من انقطاع المحروقات والطحين على خلفية الأزمة الأوكرانية، حيث تجددت الطوابير أمام محطات الوقود، ما دفع الحكومة اللبنانية للمباشرة بإجراءات استيراد كميات من القمح يُفترض أن تصل في أواخر الأسبوع الحالي .

العالم – لبنان

و لليوم الرابع على التوالي اصطفت السيارات أمام محطات البنزين في طوابير جديدة، فيما تهافت اللبنانيون على الطحين لشرائه وتخزين كميات منه، استباقاً لأزمة يتخوفون من تجددها، على خلفية ندرة المادة الحيوية وارتفاع أسعارها في الأسواق العالمية.

وقال المدير العام للحبوب والشمندر السكري في وزارة الاقتصاد جريس برباري في حديث صحفي اليوم الثلثاء إن الاقتراحات السابقة حول تقنين توزيع الطحين، وحصره بأفران الخبز، رفضناها منعاً لإقفال مؤسسات توفر المعجنات والمناقيش، وأبلغنا المطاحن بضرورة استئناف تسليم الطحين للجميع بشكل اعتيادي، لافتاً إلى أن وزارة الاقتصاد فكرت بالبدائل وبدأت بتنفيذها، وتتمثل في شراء القمح من الأسواق العالمية لتعويض المخزون المحلي الذي يتناقص بفعل الاستهلاك.

وأوضح برباري: إننا نعمل لاستيراد القمح بأسرع وقت، منعاً لأن يتناقص المخزون الذي يكفي لشهر ونصف الشهر فقط، مشيراً إلى أن وزارة الاقتصاد استكملت إجراءات لاستيراد شحنة من القمح موجودة في مصر وأحالت الطلب إلى مصرف لبنان لدفع ثمن الشحنة، لافتاً إلى أنه في حال تنفيذ جميع إجراءات الدفع ستكون الباخرة أواخر الأسبوع في بيروت.

ومن الطحين إلى المحروقات، يمتد هلع السكان، إذ سُجّل إقبال على محطات الوقود، وظهرت الطوابير مرة أخرى استباقاً لأي ارتفاع سعر المحروقات، وسط مخاوف من نفاد المخزون من البنزين والمازوت الموجود في البلاد على وقع شائعات حول تراجع الكميات الموجودة في خزانات الشركات المستوردة. وطمأن وزير الطاقة وليد فياض، أثناء جولته ومدير عام وزارة الاقتصاد محمد أبو حيدر على الشركات الموزعة للنفط، إلى أن «الكشف على المخزون أثبت أنه يكفي 15 يوماً على الأقل». ودعا فياض لعدم الهلع، مؤكداً «أنّ المحروقات تُسلَم للمواطنين.

ويرتبط ارتفاع سعر المحروقات بعاملين أولهما ارتفاع سعر صرف الدولار في لبنان، وارتفاع أسعار النفط عالمياً على خلفية الأزمة الأوكرانية، وقال عضو نقابة أصحاب المحطات جورج البراكس إنه «لا سقف لسعر صفيحة البنزين، مضيفاً: إننا في وضع استثنائي ولا أحد يعلم إلى أين ممكن أن تصل الأمور.

ففيما ينذر شح المواد الاساسية الاولية بازمة اجتماعية خانقة، لا يبدو ان الكارثة ستكون محدودة ولن تقف تداعياتها عند فقدان القمح، والطحين، والزيت، والبنزين، والمازوت، وفي هذا السياق، برزت تحذيرات بريطانية نقلت لاكثر من مرجع امني وسياسي، تفيد بارتفاع منسوب المخاطر الامنية في البلاد على خلفية الانهيار الاقتصادي المتوقع تفاقمه مع التوقعات باستمرار الحرب الروسية على اوكرانيا اكثر مما هو متوقع، ووفقا لمصادر مطلعة، تاتي هذه التحذيرات على خلفية مسح ميداني وتقييم امني – سياسي اعدته السفارة في بيروت لصالح وزارة الخارجية التي خلصت الى تقييمات مقلقة تجاه مستقبل الوضع في لبنان.

في غضون ذلك، أعلن ممثل موزعي المحروقات فادي ابو شقرا ألّا مخزون من المحروقات في لبنان معتبرا ان من مسؤولية الدولة تأمين احتياط نفطي بالدرجة الأولى، واشار الى ان عدد البواخر التي تستوردها الشركات محدود في ظل الأزمة العالمية.. صحيفة الجمهورية اللبنانية تقول : في وضع فالت كالذي نعيشه في لبنان منذ أكثر من سنتين، ليس مستغرباً على الإطلاق أن تتوالى الأزمات الداخلية تحت أيّ عنوان أو تفصيل، والنتيجة الطبيعية لذلك، مزيد من الترهّل والضّعف والتحلّل في جسم الدولة، وإرهاق إضافي للبنانيّين وخنقهم بأعباء وضغوط تُفقدهم ما تبقّى لديهم من قدرة على الإستمرار، في ظلّ أزمة تستمد قوة استمرارها من غياب الإدارة الحكيمة للبلد وفقدان هيبة الدولة وانعدام ثقة النّاس بها، وبقدرتها على تقديم ولو وصفة علاج واحدة، ليس لشفاء البلد، بل على الأقل لتسكين أوجاع اللبنانيين.

اللبنانيون، وعلى ما يشهد كلّ العالم، في صراع بقاء على قيد الحياة، وسط دوّامة لا أفق لها؛ ينامون على أزمة ووجع، ويستيقظون على أزمة أخطر وأكثر وجعاً. ودولاب الأزمات «يبرم» فيهم من سيئ إلى أسوأ، وأهل السلطة في قمّة الإسترخاء، منهمكون في اجتماعات تليها اجتماعات ولقاءات، ومشاورات، وتشكيل لجان، والنتيجة لا قرارات. وفي محاذاتها طاقم سياسي يقف على حافة الأزمة، معادٍ لبعضه البعض، أولويته الانتخابات، وجبهاته مفتوحة لتصفية الحسابات، وصراع مرير بين هذا الطرف أو ذاك، على مقعد نيابي «بالزايد» في هذه الدائرة الانتخابية او تلك.

صحيفة الاخبار تقول: أتت الحرب الروسية ــــ الأوكرانية وسط أكثر الأزمات خطورة في لبنان. فالاقتصاد دخل مسار الانهيار قبل أكثر من سنتين، وعليه أن يتحمّل تبعات ما يحصل اليوم في أوروبا الشرقية. المشكلة هنا متشعّبة ولها أكثر من باب، ولا تتعلق بتأمين مصادر الاستيراد أو سلاسل التوريد أو التمويل، بل بجميعها.

فإيجاد سلاسل إمداد جديدة للقمح والطاقة باتَ صعباً جداً مع ارتفاع الطلب العالمي الذي انعكس ارتفاعاً في الأسعار تجاوز 100 دولار للطن الواحد. لكن المشكلة أبعد من ذلك. فحتى لو تمكّن لبنان من تأمين التمويل بالدولار للحصول على الكميات اللازمة، بات شراء القمح من روسيا أو أوكرانيا متعذّراً، فيما الاستيراد من أميركا أو كندا يتطلب أسابيع عدّة لوصول الكميات، أي بعد نفاد المخزون المتوافر حالياً.

ولبنان، شأنه شأن كل الدول العربية، على أبواب شهر رمضان الذي يشهد ارتفاع الطلب على الخبز واللحوم والخضر والفواكه والبطاطا والدجاج وسواها من المنتجات التي يزداد الطلب عليها في هذا الشهر والتي ارتفعت أسعارها لأسباب مختلفة، من بينها ارتفاع الطلب العالمي أو بسبب ارتفاع كلفة الشحن من البرازيل والأرجنتين للحوم مثلاً، أو بسبب ارتفاع كلفة الأعلاف للدجاج… كل ذلك يأتي في ظل وضع كارثي أصلاً في لبنان. فأسعار المشتقّات النفطية من بنزين ومازوت ستترجم زيادة في أكلاف الإنتاج والنقل، وبالتالي ارتفاعاً في أسعار المنتجات.

إزاء هذا الواقع، لم يتبيّن بعد كيف ستتعامل الحكومة اللبنانية مع هذه الأزمة، ولا الأدوات التي ستعتمدها في مواجهة تداعيات الحرب. ففيما بدأت غالبية البلدان بوضع الخطط وتنفيذ عدد من الإجراءات منذ انفجار الميدان الروسي ــــ الأوروبي، قرّرت الحكومة بعد نحو عشرة أيام تأليف لجنة للبحث في الإجراءات التي يُمكن اتخاذها. لكن سلوك الحكومة لا يشي بأنها تتعامل مع أمر طارئ وجدّي. فاجتماع اللجنة الذي كانَ مقرراً أن ينعقد أمس للمرة الأولى، تأجّل بسبب انشغال وزير الصناعة بأعمال .

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى