عربي

جامعة الدول العربية.. قضية واحدة وتعامل مزدوج

بعد اتفاقية “كامب ديفيد” الشائنة بين مصر والكيان الإسرائيلي، طردت الدول العربية الاعضاء في جامعة الدول العربية مصر من الجامعة، وتم نقل مقرها من القاهرة إلى تونس.

– الأخبار الشرق الأوسط –

وكالة تسنيم الدولية للأنباء – بعد مضي عدة أيام على الاتفاق المشين بين الإمارات والكيان الصهيوني، لا تزال جامعة الدول العربية صامتة ولا توجد اي أنباء عن موقف شفوي أو لقاءات دورية ومتكررة.

يؤكد النظام الأساسي لجامعة الدول العربية على زيادة تضامن الدول العربية والتعاون في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية وغيرها. كما تؤكد أهداف تشكيل هذه الجامعة على مبدأ هام آخر مثل التحرر من السيطرة الأجنبية وتحقيق الوحدة بين أعضاء هذه الدول.

وفي مجال السياسة الخارجية، اتخذت هذه الدول موقفاً حازماً لدعم القضية الفلسطينية واعتبرت ان للقدس وأرض فلسطين قدسية خاصة، ودعمت بالكامل تطلعات الشعب الفلسطيني في الدفاع عن ارضهم ومقاومتهم للكيان الصهيوني، وكانت تنزل أشد العقوبات بالدول التي تنتهك هذه المواقف.

ومن الأمثلة التاريخية على ذلك يمكن الاشارة الى توقيع اتفاقية كامب ديفيد، فبعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد الشائنة بين مصر والكيان الإسرائيلي، قررت هذه الدول نقل مقر الجامعة من القاهرة إلى تونس وتم طرد مصر من الجامعة العربية، على الرغم من أن القاهرة حاولت لاحقًا تحسين علاقاتها مع العالم العربي وعادت إلى جامعة الدول العربية في أواخر الثمانينيات، وبعد ذلك تم نقل مقر الجامعة إلى مصر مجدداً في 31 أكتوبر عام 1990.

وبالنظر إلى تاريخ هذه الجامعة والموقف المتشدد الذي اتخذته ضد مصر، كان من المتوقع أن تشارك جامعة الدول العربية بشكل جدي في القضية الرئيسية للعالم الإسلامي أي القضية الفلسطينية، ولكن بعد مضي أيام قليلة على الاتفاق بين الإمارات والكيان الصهيوني لم يتم اتخاذ أي موقف وفضلت الجامعة التزام الصمت.

ان هذه الجامعة التي تشكلت على نهج وفكرة القومية العربية، تعاني هذه الأيام من تجزئة وانقسامات داخلية كبيرة، حتى أنها فقد وظيفتها عملياً في حل النزاعات السياسية في المنطقة، وللأسف مع مرور الوقت، تلاشى مفهوم ما يسمى بالأمة العربية في ظل الاوضاع السائدة على المجتمع العربي وانقسام هذه البلدان.

ووفقاً للخبراء السياسيين، لا يمكن لجامعة الدول العربية هذه أن تلعب دورًا فاعلًا ومؤثرًا في النزاعات الدولية، ويمكن ملاحظة ذلك في عدم كفاءة هذه المؤسسة في حل النزاعات الإقليمية وحيادها في حل الخلافات بين قطر والسعودية.

وفي قضية الاتفاق الأخير بين الإمارات والكيان الصهيوني، أيدت الدول العربية الثلاث مصر والبحرين وعمان هذا الاتفاق ورحبت به، لكن بعض هذه الدول، بما في ذلك السعودية ، التزمت الصمت وفضلت عدم اتخاذ موقف بشأن هذه القضية. ولهذا السبب يمكن أن نفهم عدم اتخاذ الجامعة العربية لأي موقف حتى الان، لأن القرارات التي تتخذ فيها مفروضة عليها من خارج الجامعة ومن الدول المؤثرة، وبالتالي فهي غير فعالة عملياً كمؤسسة مستقلة واجتماعاتها هي لتمضية الوقت فقط حيث انهم يجتمعون معًا في كل فترة بحجة حل مشاكل العالم العربي ويصدرون بيانات متكررة دائماً، ولكن هذه المرة أيضاً لا يوجد أي بيان تكراري.

كما تفتقر جامعة الدول العربية إلى مكانة الماضي بسبب غياب أعضائها الأساسيين في عملية مناهضة الاستعمار، وعدم حشد الأمة العربية ومرافقها لتحرير الأراضي والمقدسات المحتلة، حيث تستخدم بعض الدول العربية ثرواتها للانفراد باتخاذ القرارات في هذه الجامعة، وقد جردوها من موقعها الأساسي، وأصبح الاتحاد أداة وغطاء لإضفاء الشرعية على تدخلاتهم في المنطقة العربية، مما دفع المنطقة إلى الحرب والاضطراب.

وحتى الآن، ليس لجامعة الدول العربية دور تلعبه في الأزمة في منطقة الخليج الفارسي، وحتى انه تم تعليق عضوية سوريا، كعضو نشط وأحد الأعضاء المؤسسين في هذه الجامعة.

طبعا هذا الوضع بالإضافة إلى ما سبق لا يمكن أن يكون غير مرتبط بشخص الأمين العام لهذه الجامعة أحمد أبو الغيط، لأنه كان من مؤيدي تطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني عندما كان وزيرا للخارجية المصرية. ويُعرف أبو الغيط في العالم العربي باسم “رجل إسرائيل”.

كما ان وجه أحمد أبو الغيط ليس غير مألوف لأحد، فهو مألوف لدى الفلسطينيين، وخاصة سكان قطاع غزة، فأهالي غزة لن ينسوا أبداً صور أبو الغيط مع وزيرة الخارجية الصهيونية آنذاك “تسيبي ليفني” عام 2008 وضحكاتهم ومصافحاتهم في اليوم الذي سبق تماماً بدء الحرب المدمرة ضد قطاع غزة. الصور التي تروي تنسيقاً عميقاً وضوءا أخضر من القاهرة للكيان الصهيوني لاجتياح غزة بحجة القضاء على حماس، الحرب التي استشهد فيها وجرح المئات من الفلسطينيين ودمرت منازل كثيرة على رؤوس أصحابها. وبدلاً من إدانة هذه الحرب وعدوان الكيان الصهيوني، ألقى أبو الغيط باللوم على حركة حماس في الحرب.

كما ان الصورة الذهنية للفلسطينيين في غزة عن وجه أبو الغيط لا تنتهي عند هذا الحد، لكن خلال فترة توليه منصب وزير الخارجية المصري، هدد بعد حدوث اشتباكات بين قوات الأمن المصرية والفلسطينيين بأنه إذا بقي الفلسطينيون في غزة دون حل فسيقوم بتهشيم أقدام الفلسطينيين في حال وضعوها داخل الاراضي المصرية.

أدى فشل جامعة الدول العربية في اتخاذ موقف بشأن هذه القضية الحساسة والمحورية للعالم الإسلامي إلى انضمام حلفائها إلى السلطة الفلسطينية. وفي هذا الصدد، رد “صائب عريقات” ، أحد قادة السلطة الفلسطينية بحدة وقال إنه يجب على (وزير الخارجية المصري السابق أحمد أبو الغيط) أن يستقيل إذا لم يدين الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي بصفته الأمين العام لجامعة الدول العربية.

 كما تحدث حمد بن جاسم رئيس الوزراء القطري الأسبق عن عدم كفاءة جامعة الدول العربية هذه وقال ان هذه الجامعة ليست لها مصداقية في العالم العربي، ولا حتى في العالم، ولا حتى بين من يجتمعون فيها، والسبب أنه لا تستطيع تسوية القضايا الأساسية للعالم العربي مؤكداً انه لا يريد عد هذه القضايا.

ووفقاً له فإن الجامعة العربية لا تملك العدالة والمصداقية لتلعب دور الحكم في أي خلاف بين العرب. والسبب هو أن الجامعة العربية تضع سياساتها على جدول الأعمال بطرق غير واقعية.

/انتهى/

المصدر : وكالة تسنيم للأنباء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى