عربي

دبلوماسي إيراني لـ “تسنيم”: لن تكون هناك هوية لدولة فلسطينية مستقلة من دون منطقة غور الاردن

قال سفير إيران السابق لدى الأردن إن الاحتلال الكامل لمنطقة الأغوار سيدمر اتفاق وادي عربة بين الأردن والكيان الصهيوني، وسيسمح للصهاينة بالتعدي على أراضي ودول عربية أخرى أكثر، وأساساً لن يكون هناك هوية لدولة فلسطينية مستقلة من دون منطقة غور الاردن.

– الأخبار الدولی –

تعد مسألة ضم منطقة الأغوار في الأردن والمستوطنات الصهيونية في الضفة الغربية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة في هذه الأيام، واحدة من أكثر التحديات إثارة للجدل على مستوى المحافل السياسية ودوائر صنع القرار في المنطقة والعالم.

وفي مذكرة كتبها لوكالة تسنيم الدولية للأنباء شرح السفير السابق لإيران لدى الأردن “مجتبى فردوسي بور” الأبعاد المختلفة لهذه القضية وتداعياتها، مضيفاً انه لفهم مسألة احتلال أغوار الأردن والضفة الغربية من خلال بناء مستوطنات للصهاينة يجب دراسة الموضوع من ثلاثة محاور مختلفة.

1- نبذة تاريخية عن الموضوع

يعود تاريخ هذا الموضوع إلى مشروع “ألون”، بعد حرب 1967 بفترة وجيزة، طرح نائب رئيس الوزراء ووزير خارجية حكومة إسحاق رابين آنذاك الجنرال “إيغال ألون”، مشروعه على أساس “ضم غور الأردن والذي يمتد من نهر الأردن في الوادي الشرقي إلى مرتفعات الضفة الغربية، وكذلك شرق القدس وجنوب بيت لحم”.

وبعد الون، أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني آنذاك إسحاق رابين ايضاً خلال عملية التسوية في التسعينات، ان الحدود الدفاعية الإسرائيلية تقع في وادي الأردن، لذلك، لطالما اعتقد الكيان الصهيوني دائمًا أن هذه المنطقة الاستراتيجية تعمل كحاجز أمني أمام الحدود الشرقية.

وبناءً عليه أعلن رئيس وزراء الكيان الصهيوني الحالي، بنيامين نتنياهو، في سبتمبر 2019 عزم حكومته على ضم غور الأردن أي وادي الأردن والمناطق الشمالية للبحر الميت إذا ما فاز في انتخابات الكنيست، كما يعتقد أيضاً أن الهيمنة على غور الأردن تمنع تحول الضفة من الالتحاق بقطاع غزة.

ومع كشف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن صفقة القرن في يناير 2020 في الواقع، تم تأكيد نوايا الصهاينة طويلة الأمد بضم المستوطنات المحتلة، والتي تشمل 31 مستوطنة في منطقة جيم، من مشروع تقسيم مناطق الضفة الغربية الثلاث والتي تشمل 11000 مستوطنة اخرى.

2- الموقع الجغرافي والأهمية الاستراتيجية

تقع منطقة الأغوار شمال البحر الميت، وتغطي مساحة قدرها 2400 كيلو متر مربع، وتشمل كامل حدود الأردن، وتبلغ مساحتها حوالي 30٪ من مساحة الضفة الغربية. وترجع أهمية هذه المنطقة إلى مناخها الاستوائي وأراضيها الخصبة، والتي تعتبر بمثابة سلة الغذاء للفلسطينيين، وأساساً لن يكون لدولة فلسطينية مستقلة هوية بدون منطقة غور الاردن.

تشتهر هذه المنطقة بالزراعة وإنتاج الطاقة ووجود معدن البوتاس والفوسفات والعديد من مناطق الجذب السياحي. ويحظر الكيان الصهيوني الآن عدد السكان الفلسطينيين في المنطقة والبالغ عددهم 65000 نسمة، المتبقية من أصل 2/7 مليون نسمة، من الاستفادة من هذه المنطقة من خلال احتلال 85 في المائة من الأغوار وإنشاء 90 قاعدة عسكرية وأمنية فيها.

تعد منطقة غور الاردن ذات أهمية سياسية وأمنية وإنسانية كبيرة للأردن، علاوة على انها تمثل امتزاجاً حضارياً وخاصة المصالح المشتركة بين الشعبين الأردني والفلسطيني، وفي حال تم احتلالها بالكامل، فسيهدد ذلك بشكل خطير المصالح الحيوية للأردن في المنطقة. حيث كانت منطقة الاغوار تحت الحكم الأردني بالكامل حتى قبل حرب 1967. لذلك فإن الاحتلال الكامل لمنطقة الأغوار سيدمر اتفاق وادي عربة بين الأردن والكيان الصهيوني، والأهم من ذلك أنه إذا احتل الصهاينة المنطقة، فسيُسمح ذلك بمزيد من التعديات الصهيونية على الأراضي والدول العربية الأخرى.

إمكانية الحاق باقي الأغوار والمستوطنات:

صحيح أن بنيامين نتنياهو أعلن عن نيته في ضم هذه المناطق في حال فوزه في انتخابات الكنيست (البرلمان)، ولكن يمكن النظر الى هذه الوعود من ثلاث نواح.

1-  نزعة الاحتلال الصهيونية المتجذرة في الأفكار الدينية للتوراة وبن غوريون مؤسس الكيان الصهيوني، ولم تتطلع هذه الأفكار الى كامل الضفة الغربية وغرب نهر الأردن فحسب بل شملت أيضاً الأطراف الشرقية لنهر الأردن، وبناء على ذلك، انتهك الكيان الصهيوني جميع قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة دون أي عقبات من خلال بناء 700 مستوطنة في الضفة الغربية و 200 مستوطنة في القدس الشرقية. وفي الوقت الحاضر، تتبع الولايات المتحدة الامريكية خطة أمنية أحادية الجانب تسمى صفقة القرن، حيث تسعى من خلالها إلى تنفيذ هذه الفكرة وإضفاء الشرعية عليها بناءً على موافقة الكنيست وموافقة الولايات المتحدة الامريكية دون إرجاع الأمر إلى المؤسسات الدولية.

2- إن هدف نتنياهو برمته هو أن يصبح رئيس الوزراء لربع قرن في إسرائيل ، وهذا ممكن مع الوعد باستمرار الاحتلال على أساس الممارسات اليمينية المتطرفة للكيان الصهيوني في ضمان أمن دولة يهودا الواحدة. ومن ناحية أخرى ، يجب أن يتخلص نتنياهو بأية وسيلة من فضائح تهم الفساد الكبيرة الموجهة له ولعائلته، وهذا أمر غير ممكن بدون حصانة سياسية ، لذلك فشل نتنياهو في الفوز بالجولة الثالثة من الانتخابات البرلمانية.

وهذه المرة، ومن أجل الحفاظ على منصبه، وافق على تشكيل حكومة مؤقتة وتمضية مدة 36 شهرًا فقط مع البقاء نصف هذه الفترة فقط كرئيس للوزراء وحتى تقسيم مسؤوليات الحكومة مع منافسه بني غانتس في الحزب الأزرق والأبيض. لكن ليس هناك شك في أنه سيتخذ كل خطوة ممكنة للتغلب على هذه المرحلة وتثبيت وضعه السياسي بأي شكل كان، وخاصة ضم جميع المستوطنات الجديدة، خاصة في منطقة الأغوار، قبل نهاية الفترة الرئاسية لدونالد ترامب.

3- إن خطة صفقة القرن هي فكرة أمريكية صهيونية بالكامل ، تهدف فقط إلى ضمان أمن الكيان الصهيوني. وان أحد الأهداف الرئيسية لهذه الخطة هو التنفيذ من جانب واحد لضم المستوطنات الصهيونية في منطقة جيم من اتفاقية أوسلو والقدس الشرقية، بحيث لم يتم وضع هذه الخطة للنظر بها من قبل أي منظمة دولية بما في ذلك جامعة الدول العربية أو الجمعية العامة للأمم المتحدة أو مجلس الامن، ويعتبر تنفيذها بأنه تجاهل كامل لقرارات الأمم المتحدة . وفي هذه الحالة، فإن الكيان الصهيوني، باحتلال الضفة الشرقية لنهر الأردن والبحر الميت، لن ينشئ سوى ممرًا واحداً لعبور الفلسطينيين الى الأردن والذي سيكون تحت مراقبته الأمنية فقط.

ومنذ عام 1967 حتى الان، أجبر الكيان الصهيوني أكثر من 50،000 فلسطيني على الهجرة من هذه المناطق قسراً. هذا في حين ان بعض القادة العسكريين الصهاينة يعتقدون ان الجزء الشمالي من غور الأردن حتى مرتفعات الضفة الغربية (الأغوار)  ليست استراتيجية فقط  بل تقع في مرمى اسلحة المقاومة بسبب  ان عرضها الجغرافي أقل من 40 كيلومترًا، . ومع ذلك، فإن الكيان الصهيوني يصّر على الاحتلال الكامل للضفة الغربية وغور نهر الأردن لسببين رئيسيين: أ) ضم مرتفعات الجولان خلال ضم الأغوار.  ب) استحالة تشكيل دولة فلسطينية مستقلة، والتي لا يمكن تحقيقها إلا ببقاء الأغوار الفلسطينية وضمها لقطاع غزة.

بقلم: مجتبى فردوسي بور سفير ايران السابق لدى الأردن

/انتهى/ت 

المصدر : وكالة تسنيم للأنباء .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى