عالمي

الاتفاق النووي..هكذا وقعت الادارة الاميركية في شرك اعمالها 

قبل سنوات قالت وزيرة الخارجية الاميركية السابقة كونداليزا رايس انه من المحبط ان تصبح الولايات المتحدة بحاجة للاعبين اخرين لمعالجة ملفات دولية معينة. الولايات المتحدة اعتادت لسنوات ان تحل اي ملف وان تفرض اي سياسة تريدها من خلال الترهيب والترغيب المباشرين على الدولة المعينة. لكن بعد سنوات وفي ظل ادارة اميركية مهزوزة ومتخبطة مثل ادارة دونالد ترامب وفيما يتعلق بالملف النووي الايراني والتعاطي الاميركي معه فان الادارة الاميركية لم تعد قادرة حتى على اقناع حلفائها بسياساتها ورؤيتها.

العالم – قضية اليوم

ليس مشهدا عاديا ان تتعرض السياسة الاميركية الى صفعتين في غضون اسبوع ومن نفس الطرف. فبعد الصفعة الاولى المتمثلة بحصول مشروع القرار الاميركي لتمديد الحظر التسليحي على لايران على صوتين فقط في مجلس الامن (صوت الولايات المتحدة وصوت الدومينيكان)، اتت الصفعة الثانية التي زادت من احباط الاميركي، حيث اعلن الاتحاد الاوروبي والصين وروسيا رفضهم طلب واشنطن الرسمي من الامم المتحدة اعادة فرض الحظر الذي كان مفروضا ضد ايران قبل التوقيع على الاتفاق النووي عام 2015.

الاوروبيون و من باب حفاظهم على ماء وجههم اكدوا ان سعي الاميركيين لاعادة فرض الحظر الاممي غير شرعي وانهم متمسكون بالاتفاق النووي حتى الاخير.

في المقابل هناك من يحاول دفع ادارة ترامب نحو تصعيد خطر ضد ايران، تحديدا كيان الاحتلال الاسرائيلي حيث كال بنيامين نتنياهو المديح للخطوة الاميركية، اضافة الى بعض الدول العربية التابعة للمحور الاميركي وهي معروفة.

لكن بين هذا الطرف وذاك ، هناك نتيجة واحدة واضحة مفادها ان الادارة الاميركية هي من اوصلت نفسها الى هذه المرحلة حيث باتت تبحث عن صوت هنا واخر هناك في اروقة مجلس الامن لدعم سياستها.

اتبع دونالد ترامب منذ البداية اسلوب الضغط والمواجهة وفرض الراي بقوة الحظر والضغط الاقتصادي والسياسي، في التعاطي مع الملف الايراني. وصلت سياسة البلطجة الاميركية الى اقصاها مع انسحاب ترامب من الاتفاق النووي. لكن مع فشل سياسته في الضغط على ايران التي صمدت في وجه الحظر الاميركي ، لجأ لتقديم مشروع تمديد الحظر على الاسلحة، وفشله ايضا في هذا دفعه لطلب تفعيل “الية الزناد” لاستهداف ايران. لكن لا يمكن لمن خرج من الاتفاق ان يطالب بتطبيق بند من بنوده. وبالتالي وقع ترامب في فخ اعماله وبات تائها بين تمسكه بالانسحاب من الاتفاق وبين تمسكه ببند الية الزناد الذي لم يعد من حقه.

لقد كان موقفا مثيرا للسخرية وضع وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو نفسه فيه في مقابلته الاخيرة مع فوكس نيوز حيث كرر وصف الاتفاق النووي بالاتفاق الغبي ليطلب بعدها بجملة او جملتين تفعيل بند الية الزناد في الاتفاق الذي ذمه قبل قليل. كما كان موقفا مضحكا لمسؤول الملف الايراني في الادارة الاميركية اليوت ابرامز الذي قال ان بلاده لا تحتاج لاذن من احد لاعادة فرض الحظر ضد ايران في وقت كان بومبيو يشتكي ويعرب عن احباطه من موقف الاوروبيين في هذا السياق. انها حالة “تشيزوفرنيا” تعيشها الادارة الاميركية على مختلف مستوياتها

فعلى ما يبدو ان العالم وتحديدا حلفاء الولايات المتحدة لم يعودوا قادرين على مجاراة ادارة ترامب في مقارباتها السلبية، كما انهم يفضلون الانتظار الى ما بعد الانتخابات الاميركية لتحديد موقفهم، خاصة انهم باتوا يتلمسون طريقهم لبلورة موقف لا يتماهى كليا مع واشنطن.

غير ان موقفا جديا واكثر فعالية ما زال مرتقبا من الاوروبيين، لاسيما وان الاميركيين يتحضرون لتصعيد ضد طهران لتعويض شيء من هيبتهم التي تآكلت داخل اروقة الامم المتحدة، حيث باتت ادارة ترامب تترقب فشلا جديدا تضيفه الى سجل الفشل الذي اتسمت فيه طوال اربع سنوات.

حسين الموسوي / العالم

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى