عربي

عشائر شرق سوريا في دائرة الاستغلال الامريكي

سيناريو واضح الملامح بدأت القوات الامريكية تنفيذه في شمال وشرق سوريا، هناك حيث البحر الدفين من النفط يجعل المنطقة ضمن دائرة الحرب، مساع كثيرة، ومخططات لا تنتهي، يحاول العقل الأمريكي تنفيذها، وهي القائمة على فكرة سرقة مقدرات الشعوب، والتعاطي مع مكوناتها، كمخزون بشري يجب استغلاله للوصول الى الهدف، وهذه المرة الهدف واضح. 

العالم – قضية اليوم

لم يمر خبر انطلاق عمليات تجنيد أبناء العشائر السورية في ريف الحسكة لصالح القوات الامريكية مرور الكرام، فهو الحامل للكثير من الدلالات الجيوسياسية، وحتى العسكرية، فالأمريكي الذي فتح باب الانتساب لتشكيل قوة عسكرية جديدة قوامها من أبناء العشائر في منطقة الشدادي وريفها جنوب الحسكة، من قبيلة الجبور على وجه الخصوص، تكون خارج كيان ميليشيا “قسد، واستقدام لذلك مسلحين من قاعدة التنف الى قاعدة الشدادي الامريكية، التي تحولت لمركز تدريب مؤقت، لما يقارب 800 عنصر تم انتسابهم بشكل فعلي لهذه القوة التي من مهامها حماية ابار وحقول النفط والقواعد الامريكية.

اتكاء الأمريكي على العشائر العربية في شرق سوريا، يظهر بوضوح السيناريو المخطط لتلك المنطقة، بالذات في المنطقة الجنوبية من الحسكة، حيث يعلم الامريكي تماما، وبعد دراسة ديمغرافية للمنطقة، ومعرفة دقيقة بالخلافات بين العرب والاكراد، يعلم انه لا مستقبل للأكراد في منطقة تقوم على العشائر العربية، ويعرف انه لا حاضن شعبي للأكراد بتشكيلاتهم العسكرية والسياسية هناك، لذلك بدأ بتشكيل القوة العسكرية من العشائر، لتكون منفصلة تماما عن قسد، عبر الاغراء بالمال، وشراء الذمم، والاهداف من ذلك التشكيل كثيرة، منها تكوين ورقة ضغط على قسد وابتزازهم من قبل الأمريكي، وتشكيل قوة تابعة للامريكي لتشكل توازن في الساحة، بعد ان غاب المكون العربي عن قيادات قسد، وهمش بشكل واضح لصالح الاكراد، الامر الذي استغل من القوات الامريكية، لاستعمال مجموعات متمرسة على القتال لصالحه، فأبناء تلك المنطقة تنقل ولائهم من الجيش الحر الى احرار الشام ومن ثم جبهة النصرة، وبعدها بايعوا داعش وقاتلوا معها، والان انتقلوا الى صف القوات الامريكية بشكل واضح.

بالمقابل يعمل الروسي على مستوى الحاضنة الاجتماعية في ريف الحسكة، ومن هنا جاءت اجتماعات القيادات الروسية مع العشائر العربية في ريف القامشلي، واختار الروس العشائر ذات الثقل الاجتماعي وصاحبة التأثير في الشارع، واستمع الروس جيداً لمطالب الأهالي، بالإضافة الى شكاوى بالجملة على تصرفات قسد في المنطقة، وهذا يؤسس لعودة ما غاب من العشائر عن مساندة الدولة السورية، الى حضن القرار السياسي والاجتماعي السوري، في حين ادركت المخابرات الامريكية ان السلوك التعسفي الكردي، ولد حالة من السخط لدى العشائر، وشعروا ان ذلك يمكن ان يؤدي الى فقدان السيطرة على جزء هام من أبناء المناطق، وبالذات في محيط حقول النفط، حيث تحدثت مصادر متقاطعة ان اجتماعات عديدة عقدت بين المسؤول عن التنسيق في ما يسمى بالتحالف الدولي لمكافحة الإرهاب في سوريا أو بصورة أوضح مدير الاستخبارات الأميركية جيمس غارسيا، مع رئيس ما يعرف بالأمن الداخلي الكردي الأسايش كرفان بيجار ونائبه، و رئيس المخابرات العسكرية الكردية في الحسكة أنور حفنريش، ورئيس فرع المهام الخاصة في الأسايش بسيم ابراهيم في 12 نيسان الجاري، في مقر للقوات الكردية بالقرب من جسر الشدادي، واتخذت قرارات محورها الرئيسي التصدي لأي محاولة روسية – سورية، لعودة العشائر الى كنف الدولة، وبعد هذا الحراك بدأت تظهر أوجه الضغط الأميركي على أبناء العشائر للتجنيد كمرتزقة ضمن تشكيلات مقاتلة تستثمرها واشنطن في مناطق يصعب وصول المجموعات الكردية إليها من جهة، واستثمارها لمحاربة الاكراد في حال نشوب خلاف أميركي كردي في قادمات الأيام، نظراً للخلافات المتفاقمة بين الطرفين.

الانتباه لدور العشائر العربية في ريف الحسكة، لم يكن حديثاً بل كان محور حراك متواصل من قبل الأمريكي والدول التي تعمل في كنفه، فمنذ حزيران من عام 2019 ، والعشائر قبلة الحراك من قبل السعوديين بدعم امريكي، وتمثلت ذروة هذا الحراك بعد زيارة الوزير السعودي ثامر السبهان ونائب وزير الخارجية الأمريكية جويل رايبون، والسفير ويليام روباك إلى قاعدة حقل العمر النفطي ولقائهم بوفد من شيوخ العشائر العربية في محافظة دير الزور بزعامة حاجم البشير زعيم قبيلة البكارة، ومن تلك الأيام قدمت المغريات المالية لشيوخ العشائر، وعند التدقيق في أهمية هذا اللقاء كتحضير للتشكيل العسكري الجديد، يتضح ان جويل رايبون كان اول مسؤول امريكي بهذا المستوى، يلتقي بشيوخ عشائر في منطقة تعتبر تحت نفوذهم المباشر، ولم يكن اللقاء في الأردن او السعودية كما جرت العادة، في رسالة مباشرة ان الإدارة الامريكية، بدأت تنفذ توصيات المخابرات الامريكية، وأصبحت تنظر لدور العشائر في مواجهة الاكراد، بجدية اكبر.

ارتفاع منسوب التدخل الأمريكي في المنطقة، وبالذات في الجزيرة السورية، يهدف الى استمرار الفلتان الأمني فيها، وابعادها عن أي جهد يعيدها الى حضن الدولة السورية، ويفتح المنطقة امام صراعات بين القبائل بحسب ولائها السياسي، ويطيل امد الحرب المفروضة على سوريا.

حسام زيدان

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى