عربي

هل إقالة حاكم مصرف لبنان ممكنة؟

بعد مرور 23 عام على تعيين رياض سلامة حاكما لمصرف لبنان لأول مرّة بحثت الحكومة في موضوع اقالة سلامة عن منصبه و اجتماع أمس للمجلس الوزراء عكسَت إجماع غالبية القوى المكوّنة له على الإقالة، باستنثاء حركة أمل التي رفع وزيراها أيديهما رفضاً للإقالة التي لم تُطرح على طاولة مجلس الوزراء كاقتراح رسميّ بَعد.

العالم_لبنان

وحسب بعض مصادر صحفية الحكومة اللبنانية فقد انبرت أمس إلى ما يُشبِه تحضير الأرضية لإزالة الغطاء السياسي عن سلامة.

وكتبت صحيفة الاخبار في عددها اليوم السبت شكّل كلام رئيس الحكومة حسان دياب، بعدَ جلسة مجلِس الوزراء أمس، مؤشراً بالغَ الدلالة حيال تبدّل سياسة السلطة التنفيذية تجاه حاكِم مصرف لبنان، رياض سلامة، وسياساته، إضافة إلى المنظومة التي يمثلها. رفَع دياب الصوت بلا مواربة، مُسقِطاً أسلوب التدليل لأسلافه من رؤساء الحكومات السابقين، رافضاً ملاقاة سلامة في إمعانِه في ممارسة سياسة إخضاع البلاد للشروط الأميركية.

فاضافت الاخبار تتجرأ حكومة لبنانية على هزّ النواة الصلبة لـ«النظام اللبناني». فتح معركة حاكمية مصرف لبنان فيه تحدٍّ للسلطة المالية الحاكمة في العالم، كما لمنظومة متشعّبة من المصالح في لبنان. رئيسا الجمهورية والحكومة رفعا البطاقة الحمراء في وجه رياض سلامة.

للمرة الأولى يغيب التقاطع بين موقِف واشنطن الساعي إلى حماية كبير موظفيها في القطاع المصرفي في لبنان، وموقِف الحكومة منه. وللمرة الأولى يُطلِق رئيس حكومة موقِفاً توبيخياً علنياً للحاكِم الذي اعتاد تسخير رأس مجلِس الوزراء لصالِحه، فاتِحاً معركة «الحاكمية» جدّياً. وهذه الجديّة هي من دفعَ سلامة إلى الاستنجاد سريعاً بمُعادلتين: معادلة طائفية تمثّلت بموقف بكركي الرافض لتحويله إلى “كبش محرقة”، ومعادلة وضع إقالته في خانة سيطرة “حزب الله” على القرار المالي. وفي خدمة هاتين المُعادلتين حرّك سلامة ماكينة إعلامية – سياسية لعلّه يحقّق اصطفافاً طائفياً يحميه، وأميركياً يرسم حوله خطاً أحمر، غير آبه بجموع الناس التي خرجت إلى الشارِع مُطالبة باستعادة أموالِها التي ابتلعها «ثقب المصرف الأسود.

أما من خارِج الحكومة، فأصدر رئيس السابق سعد الحريري بياناً هو الأطول منذ استقالته، شنّ فيه هجوماً غير مسبوق على دياب. وقال: برافو حسان دياب. لقد أبليت بلاء حسناً، وها أنت تحقّق أحلامهم في تصفية النظام الاقتصادي الحر، إنهم يُصفّقون لك في القصر ويجِدون فيك شحمة على فطيرة العهد القوي، فكيف يُمكن أن تغيب عنك الجهة التي تسبّبت بنصف الدين العام من خلال دعم الكهرباء، وأن تغضّ النظر عن سبع سنوات من تعطيل المؤسسات الدستورية، وألا تسأل عن السياسات التي أضرّت بعلاقات لبنان العربية والدولية، وألا تلتفِت إلى المسؤوليات التي يتحمّلها الأوصياء الجدد على رئاسة الحكومة؟ هل هي جميعها من صناعة حاكم مصرف لبنان»؟ولفت الحريري إلى أن «الحكومة تحاول أن تستجدي التحركات الشعبية بإغراءات شعبوية وتمارس سياسة تبييض صفحة العهد ورموزه على طريقة تبييض الوجوه والأموال والمسروقات، ثم تلجأ إلى ركوب موجة المطالب من دون أن تتمكن من تلبيتها وترمي تخبطها ودورانها حول نفسها على الإرث الثقيل للحكومات المتعاقبة». واعتبر أنهم «استحضروها لمهمة عجزت عنها وحوش الوصاية في عزّ سيطرتها، وها هم يطلّون من جحورهم مرة أخرى، ويتخذون من رئاسة الحكومة جسراً لإعلان الحرب على مرحلة مضيئة من تاريخ لبنان أطلقت مشروع إعادة الاعتبار إلى الدولة بعدما اجتمع جنرالات الحروب العبثية على كسرها.

ولم يكتف الحريري بهذا البيان، إذ انطلقت شخصيات تياره من أحمد الحريري إلى محمد شقير، للدفاع عن سلامة. وحاول الحريري الاستعانة برئيس تيار المردة سليمان فرنجية، الذي استصرحه موقع تيار المستقبل الإلكتروني، لكن فرنجية قفز فوق مسألة إقالة سلامة ليبدأ البحث في أسماء بدلائه، ما يعني أنه لا يعترض على الإقالة، إذ قال: «لا أعرف سلامة. لكن لو طرح منصور بطيش كبديل عنه كنا سنصوّت ضده في الحكومة وعلى بديل سلامة أن يحظى برضى وطني وبالخبرة، أما بطيش فلا تنطبق عليه هذه المواصفات، لذا كنا سنصوّت ضده.
وليلاً انضمّ الحزب التقدم الاشتراكي برئاسة وليد جنبلاط إلى الماكينة، مصوباً سهامه ضد دياب. فأصدرَ بياناً متناغماً مع بيان الحريري في الدفاع عن سلامة، قال فيه: ندرك كما سائر اللبنانيين أن حكومتك ليست جاهزة للتغيير أو المحاسبة، فالتشفي يجرّكم الى ممارسات انتقامية بعيدة كل البعد عن أصوات اللبنانيين المطالبين بالتغيير.

من جهته اعتبر عون أنه لا يُمكن تحميلنا والحكومة الحالية ما حصل من أخطاء على مدى 30 عاماً. ومن جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا، أكد أن «الحكومة عملت وتعمل منذ تشكيلها، على معالجة القضايا الملحّة، وقد حققت خلال 70 يوماً ما لم تحققه حكومات على مدى السنوات الثلاث الماضية.

أمّا سلامة فقد بات أكثر استشراساً ووقاحة في الدفاع عن موقِعه. هو يقول بوضوح إن معركتي هي مع حزب الله وليسَت مع أي طرف آخر. ولم يعد يخفي تقديم أوراق اعتماد إلى الأميركيين إذ يقول: أريدهم أن يعرفوا أن ما أقوم به هو لمواجهة الحزب.

وما التعاميم التي أصدِرها إلا لإقناعهم بأنني الوحيد الذي يُمكِن الوثوق به والتعامُل معه لحلّ الأزمة المالية في البلاد. يريد لهذا الكلام أن يصبح الحقيقة الوحيدة التي يتم التداول بها، قبل أن يكرر في جلساته أنه لن يتدخَّل في السوق لمواجهة انهيار سعر الليرة، ولن يشحَن أي نقود من الخارج لضخّها في مواجهة ارتفاع سعر الدولار.

يعيش سلامة حالة من النكران التام لواقع أن رئيسي الجمهورية والحكومة يقولان له “فِل”. استخدم في وصف نفسه، مصطلح “قبطان السفينة التي تغرق”، هو الوحيد القادر على إنقاذه، ولا يُمكن الاستغناء عنه في لحظة الغرق.

كيف يمكن اقالة سلامة من الناحية القانونية و في هذا السياق يقول الوزير السابق المحامي زياد بارود الى إنّ المادة 19 من قانون النقد والتسليف، تنص على أنّه “باستثناء الاستقالة الاختيارية، لا يُمكن إقالة حاكم المصرف المركزي إلا بأربع حالات. فبصرف النظر عن هوية الحاكم في هذه المرحلة، هذا الموقع بحاجة إلى حدّ أدنى من الحصانة تسمح له القيام بوظيفته، “ولهذا الإقالة تكون استثناء“.

فاضاف باروى و الحالات الاربعة هي العجر الصحي، مخالفة احكام المادة 20 من قانون النقد و التسليف و و ارتكاب خطا فادح بتسيير الاعمال .

عُيّن رياض سلامة حاكما لمصرف لبنان في الأول من آب 1993 لمدة 6 سنوات . وأُعيد تعيينه لثلاث ولايات متتالية في 1999 و2005 و2011. يدير الحاكم سلامه المصرف المركزي ويعاونه في مهامه أربعة نواب حاكم والمجلس المركزي. وبهذه الصفة، يترأس الهيئات التالية: المجلس المركزي لمصرف لبنان، الهيئة المصرفية العليا، هيئة التحقيق الخاصة المعنية بمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب وهيئة الأسواق المالية. الحاكم سلامه عضو في مجلس محافظي صندوق النقد الدولي وصندوق النقد العربي. في العام 2012، ترأس الحاكم سلامه اجتماعات مجلسي محافظي البنك الدولي وصندوق النقد الدولي في طوكيو. منذ الأول من تموز 2013، أصبح الحاكم سلامة رئيسا مشاركا في مجلس الاستقرار المالي لمنطقة دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمدة عامين. كما أنه يترأس مجلس محافظي صندوق النقد العربي لسنة 2013.

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى