عربي

لغة العقل ولغة نزار ولغة الامن 

لم يكن الاسبوع الاخير كغيره من الاسابيع في الضفة الغربية، تغييرت ملامح الوطن الفلسطيني وتغيير شكل الشوارع وبدت فلسطين وكانها تقترب من احتراب داخلي يضاعف معناة الفلسطينيين.

العالم – قضية اليوم

لا شك ان مقتل نزار بنات شكل صدمة كبيرة للكل الفلسطيني حتى الذين يختلفون مع الرجل والذين ينتقدونه ، لان الفلسطينيين لم يعتادوا على نهج الاغتيال ولم يكن يوما في تاريخهم المرتبط دوما بمقاومة المحتل وبجولات الصراع معه ، لا نريد ان نحلل ما حدث مع نزار وكيف قضى لكن علينا ان ننتبه الى اثار الحدث على الشارع الفلسطيني وان نستوعب الزلازال الذي ضرب النسيج الفلسطيني برحيل الرجل، لغة نزار كانت حادة وجريئة ومباشرة في انتقاد السلطة الفلسطينية وانتقاد حالة الفساد التي اصابتها في السنوات الاخيرة، ولكن الرجل ايضا كان حادا في انتقاد الاخرين غير السلطة لكن ولان المعارضة دائما تكون لمن يحكم كان الانتقاد الاكبر من نصيب المؤسسة الفلسطينية، لغة نزار كانت تمثل الكثيرين وتعبر عن صوتهم المخنوق والمسلوب لصالح بعض المتنفذين الذين يعيشون على آلآم وانآت الفلسطينيين ولذلك كان مقتل نزار بمثابة جريمة بحق كل صوت معارض لم يكن هدفه وفكره في اي وقت سوى تحقيق العدالة الاجتماعية الغائبة، لغة نزار كانت كممارسة الصعقة الكهربائية التي تمنح للمريض في اللحظات الحرجة كي تعيد لقلبه الحياة، وويل لقلب لم ينعش بالصدمة الكهربائية فهذا بعني انه قد فقد مبررات الوجود، بالمقابل لغة الامن لم تتغير وهذا ما صنع الازمة، الامن تعاطى مع الحدث وكأنه عابر لا يرقى الى درجة التفكر والتأمل والتعامل معه بحكمة لقمان وبصبر ايوب وبسماحة محمد، الأمن اعتقد أن كل صوت يعلو يهدف الى قلب النظام وتغيير الحكم وتفكيكه ، فكانت ردة الفعل قاسية ، والحقيقة ان اثار القسوة كانت هي القاسية على المنظومة الامنية الفلسطينية والمنظومة السياسية ولأن المنظومة السياسية لم تقرأ المشهد بذكاء كبرت الازمة وكبرت تفاصيلها، كان لازما على المنظومة السياسية ان لا تلتزم الصمت بل على العكس ان تعترف بخطأ المنظومة الامنية وتحاسبها وتتحدث مع الشارع بما يفرض عليه الهدوء ، لكن لغة العقل غابت تماما عن المنظومة السياسية وفي بعض الاحيان عن الشارع الفلسطيني، وما زاد الطين بلة هو تعاطي الامن مع وسائل الاعلام التي تحولت فجأة الى هدف ثابت ومتحرك له، هذا التعاطي مع الاعلام حوله الى محرض غير مباشر للشارع كي يخرج ويواجه المنظومة بشكل كامل ، لكن اليوم يجب تغليب لغة العقل والا فان الخسارة الفلسطينية ستكون فادحة وكبيرة ، وعلى السلطة ان تفهم اولا بان ما بعد نزار بنات ليس كما قبله، وثانيا ان عليها ان تكون مبادرة هذه المرة في تقديم الحلول ولا تنتظرها من احد، المطلوب اليوم لتجاوز الازمة ان يتم الدعوة لانتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني تعيد ثقة الشارع بالسلطة الحاكمة طبعا وقبل ذلك ان يكشف النقاب عن المتورطين باغتيال نزار افرادا وقادة وان يحاسبوا بشكل حقيقي لا شكلي لان هذا الامر سيثبت للشارع ان لديه قضاءا نزيها قادرا على احقاق الحق دون النظر الى السلطة التنفيذية وموقعها في المسالة ، هذه لغة العقل اذا ما ارادت السلطة ان تمتص الغضب الشعبي الذي سيستغل من الكثيرين وسيغير من تكوينها للابد.

فارس الصرفندي

المصدر : قناة العالم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى